تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال عادل الصعدي في بحث له بعنوان (والجبال أوتاداً) راجعه عبد الحميد أحمد مرشد: (خلق الله تعالى الجبال وجعلها آية من آياته الدالة على عظيم قدرته وبديع صنعه , وأشار سبحانه وتعالى إلى هذه الجبال في كتابه العظيم, ووصف شكلها الظاهر والباطن مشبهاً لها بالأوتاد, قال تعالى: (وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً) [النبأ: 7] , ولم يكن العقل البشري يتصور أن هذه الجبال بشكلها الظاهر والعظيم لا تمثل إلا نسبة بسيطة من حجم الجبل الحقيقي , ولم يقف القرآن الكريم عند هذا الحد من وصف الشكل , فقد جاء السياق القرآني مبيناً لوظيفة الجبال بأبسط عبارة , قال تعالى: (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ) [لقمان: 10] , فأشارت إلى أن وظيفة الجبال هي تثبيت قشرة الأرض ومنعها من الاضطراب , وكل هذه الأمور كانت غائبة عن العين والتصور البشري إلى القرنين الماضيين.

أقوال المفسرين لهذه الآيات:

على الرغم من أن هذه المعلومات كانت غائبة عن أنظار الناس في تلك الفترة الماضية إلا أننا نجد أن الأئمة المفسرين قد أشاروا إلى هذه المعلومات , معتمدين في ذلك على التفسير اللغوي لا على معلومات عصرهم , فأوردوا هذا في تفاسيرهم لقوله تعالى:) وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً ([النبأ: 7] , ومنها على سبيل المثال:

1 - قال ابن الجوزي: (وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً) للأرض لئلا تميد. (في تفسيره زاد المسير (9/ 5))

2 - وقال الزمخشري: (وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً): أي أرسيناها بالجبال كما يرس البيت بالأوتاد. (في تفسيره الكشاف (1/ 1332))

3 - وقال القرطبي: (وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً) أي لتسكن ولا تتكفأ بأهلها. (في تفسيره الجامع لأحكام القران (19/ 151))

4 - وقال أبو حيان: (وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً) أي ثبتنا الأرض بالجبال كما يثبت البيت بالأوتاد. (في تفسيره البحر المحيط (10/ 384))

5 - وقال الشوكاني: (وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً) الأوتاد جمع وتد أي جعلنا الجبال أوتاداً للأرض لتسكن ولا تتحرك كما يرسى الخيام بالأوتاد. (في تفسيره فتح القدير (5/ 512))

6 - ذكر ابن كثير (يرحمه الله) في تفسير تفسيره (4/ 594) قول الحق تبارك وتعالي: (وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً): (أي جعل لها أوتادا ًً, أرساها بها , وثبتها , وقررها حتى سكنت , ولم تضطرب بمن عليها.) (إنتهى)

7 - وقال سيد قطب في تفسيره ظِلال القرآن (6/ 3804): (وجعل الجبال أوتادا ًً .. يدركه الإنسان من الناحية الشكلية بنظره المجرد , فهي أشبه شيء بأوتاد الخيمة التي تشد إليها. أما حقيقتها فنتلقاها من القرآن , وندرك منه أنها تثبت الأرض وتحفظ توازنها ..

وقد يكون هذا لأنها تعادل بين نسب الأغوار في البحار ونسب المرتفعات في الجبال .. وقد يكون لأنها تعادل بين التقلصات الجوفية للأرض والتقلصات السطحية , وقد يكون لأنها تثقل الأرض في نقط معينة فلا تميد بفعل الزلازل والبراكين والاهتزازات الجوفية .. وقد يكون لسبب آخر لم يكشف عنه بعد .. وكم من قوانين وحقائق مجهولة أشار إليها القرآن الكريم ثم عرف البشر طرفاً منها بعد مئات السنين.) (إنتهى)

الجبال [نظرة تاريخية وعلمية]:

كانت معرفة الناس بالجبال معرفة تأملية قائمة على الوصف النظري والمشاهد؛ لذلك جاءت كل التعاريف للجبال مقتصرة على الشكل الخارجي , ولذلك يعرف علماء الجيولوجيا الجبل بأنه: كتلة من الأرض تبرز فوق ما يحيط بها، وهو أعلى من التل. (راجع Websters Seventh New Collegiate Dictionary ) وهذا هو تعريف الموسوعة البريطانية للجبل , ويقول د. زغلول النجار: إن جميع التعريفات الحالية للجبال تنحصر في الشكل الخارجي لهذه التضاريس، دون أدنى إشارة لامتداداتها تحت السطح، والتي ثبت أخيراً أنها تزيد على الارتفاع الظاهر بعدة مرات , ثم يقول: ولم تكتشف هذه الحقيقة إلا في النصف الأخير من القرن التاسع عشر عندما تقدم السيرجورج ايري بنظرية مفادها أن القشرة الأرضية لا تمثل أساساً مناسباً للجبال التي تعلوها، وافترض أن القشرة الأرضية وما عليها من جبال لا تمثل إلا جزءاً طافياً على بحر من الصخور الكثيفة المرنة، وبالتالي فلا بد أن يكون للجبال جذور ممتدة داخل تلك المنطقة العالية الكثافة لضمان ثباتها واستقرارها. (نقلاً عن كتاب الفكرة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير