تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

) وهو حديث صحيح خرجه الألباني في السلسلة الصحيحة المجلدات الكاملة ح 1087) فالنوم موتٌ أصغر ووفاةٌ صغرى كما قال العلماء لما سبق من الأدلة ولأنه شبيه بالموت الأكبر لِما بينهما من المشاكلة التامة في انقطاع أحكام الحياة إذ يشتركان في صفات معلومة منها ظاهر في الواقع كعدم الحركة والكلام وكذلك فالنوم شبيه بالسبات جدا ولذلك وصفه الله بانه سبات في هذه الآية لاشتراكه معه أيضا في صفة السكون وعدم الحركة والكلام وهذه الصفة ثابتة في القرآن فقد نص الله عز وجل على أن النوم سكون فقال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ الليل سَرْمَداً إلى يَوْمِ القيامة مَنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُون قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ النهار سَرْمَداً إلى يَوْمِ القيامة مَنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ الليل والنهار لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [القصص: 7173] وبالتالي فالنوم والسبات والموات متشابهة جدا لأشتراكها بانقطاع الحركة والكلام فلا تعارض بين المعنيين البتة! ولذا قال الألوسي في تفسيره (روح المعاني) (30/ 7): (وجعلنا نومكم سباتا أي كالسبات ففي الكلام تشبيه بليغ كما تقدم والمراد بالسبات الموت وقد ورد في اللغة بهذا المعنى ووجه تشبيه النوم به ظاهر وعلى ذلك قوله تعالى وهو الذي يتوفاكم بالليل وهو على بناء الأدواء مشتق من السبت بمعنى القطع لما فيه من قطع العمل والحركة ... إلى أن قال الألوسي: واختار المحققون كون السبات هنا بمعنى الموت لأنه أنسب بالمقام كما لا يخفى) إنتهى قلت والألوسي ممن يقول بالقول الثاني والصحيح الجمع بين القولين فالنوم شبيه بالسبات والموت وسيأتي مزيد تفصيل أن ذلك مناسب للمقام ففي كون النوم سباتا اي انقطاعا للحركة وإحياء الله لنا منه باستيقاظنا منه إشارة إلى أن النوم كالموت الأكبر ففيه الدليل لقدرة الله عز وجل على إحياء الموتى يوم القيامة وبعثهم فإن قيل الموت ليس راحة دائما فقد يكون عذابا وقد يكون نعيما فهو ليس سباتا فنقول لا شك أن من معاني السبات في الآية هنا الراحة ولَمْ نقل نحن ان السبات مماثلا للموت الأكبر وإنما هما متشابهان في بعض الصفات كعدم الحركة والسكون كما أن النوم مشابه لهما في عدم الحركة والسكون ففي تشبيه النوم بالسبات وإحيائنا منه تنبيه على قدرته على إحيائنا من سباتنا الأكبر الذي هو الموت فتأمل.

الثاني: أن الله تعالى في هذه الآية كان مستدلاً للبعث بطريق الإشارة بإحياء الأنفس في الدينا بعد موتها فكما أحياكم بإقاظكم من موتكم الأصغر الذي هو سباتكم بإنقطاع حركتكم في نومكم في الدنيا يحييكم من موتكم الأكبر في الآخرة ويبعثكم يوم القيامة كما أشار بعض العلماء وسيأتي كلامهم.

الثالث: أن هذا الجمع مروي عن السلف إذ رواه ابن جرير في تفسيره (24/ 151) عن التابعي قتادة بن دعامة وقد مر ذكر بعض متنها في تفسير آياتٍ سبقت وفيها قال قتادة رحمه الله: (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا) يقول: وجعلنا نومكم لكم راحة ودَعة، تهدءون به وتسكنون، كأنكم أموات لا تشعرون، وأنتم أحياء لم تفارقكم الأرواح، والسبت والسبات: هو السكون، ولذلك سمي السبت سبتا، لأنه يوم راحة ودعة) إنتهى

وذهب إلى الجمع بين القولين الأول والثاني العلامة الشنقيطي ففي الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان (8/ 407 - 708) بعد أن نصَّ رحمه الله على أن سورة النبأ مشتملة على أدلة البعث الأربعة وجعل يذكرها بأدلتها حتى ذكر هذه الآية التي نحن بصدد تفسيرها مستدلا بهى على احد ادلة البعث وقد مر كلامه في تفسير الثانية من سورة النبأ وهي قوله تعالى: (عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ (2) سورة النبأ) وهذا نص كلام الشنقيطي: (وأما إحياء الموتى في الدنيا بالفعل، ففي قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً} [النبأ: 9] والسبات: الانقطاع عن الحركة. وقيل: هو الموت، فهو ميتة صغرى، وقد سماه الله وفاة في قوله تعالى: {الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا والتي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَ} [الزمر: 42]، وقوله تعالى: {وَهُوَ الذي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير