تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فائدة: إن ما ذهبنا له من أن النوم في الآية هو في الليل والنهار لأنه يحصل واقعا في نوم القيلولة أو لحاجة بعض أصحاب الأعمال الليلية إليه ولذلك قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (23) سورة الروم فإن قيل كيف وقد قال تعالى بعد ذلك (والنهار معاشاً) فالمناسب ان المراد بالنوم هنا هو النوم بالليل فنقول ليس الأمر كذلك فالنهار معاشاً هذا في غالب أحوال الناس فإن من الناس من يعتاش ويعمل في الليل كالشرطة والحرس ونحوهم وإنما قال تعالى (والنهار معاشاً) من باب الغالب الأعم من الناس ولا ينافي إرادته سبحانه من النوم المذكور قبله النوم في الليل والنهار.

للعلماء في تفسير الآية أقوال: أولها أن السبات هنا هو قطع الحركة والسكون لتحصل الراحة للأبدان وثانيها: انه الموت وثالثها الجمع بينهما وثالثها: السبات التمدد والمراد النوم الطويل الممتد غير المتقطع الذي لا يفي بالغرض ولا يريح البدن والرابع: النوم الخفيف على أن المعنى جعلنا نومكم نوما خفيفا غير ممتد فيختل به أمر معاشكم ومعادكم والخامس وجعلنا نومكم نوماً متقطعاً لا دائماً.

والراجح الجمع بين الأول والثاني لثلاثة أمور:

الأول: أنه لا تعارض بينهما لغة ولا شرعا بل دل عليهما اللغة والشرع ولذا فالجمع بينهما أولى من الأخذ بأحدهما ففي اللغة من معاني السبات الموت إضافة لمعنيي قطع الحركة والراحة ففي لسان العرب - (2/ 36) (سبت) قال ابن منظور: (والسَّبْتُ الراحةُ وسَبَتَ يَسْبُتُ سَبْتاً اسْتَراحَ وسَكَنَ ... إلى أن قال ابن منظور: والسُّباتُ النَّومُ وأَصْلُه الراحةُ تقول منه سَبَتَ يَسْبُتُ هذه بالضم وحدها ابن الأَعرابي في قوله عز وجل وجَعَلْنا نومَكم سُباتاً أَي قِطَعاً والسَّبْتُ القَطْع فكأَنه إِذا نام فقد انقطع عن الناس وقال الزجاج السُّباتُ أَن ينقطع عن الحركة والروحُ في بدنه أَي جعلنا نومكم راحة لكم) إنتهى وفي الصحاح (2/ 131) قال الجوهري: ([سبت] السبت: الراحة. إلى أن قال الجوهري: والسبات: النوم، وأصله الراحة. ومنه قوله تعالى: (وجعلنا نومكم سباتا)) إنتهى وفي مختار الصحاح - (1/ 326) قال: ([سبت] س ب ت: السَّبْتُ الراحة والدهر وحلق الرأس وضرب العنق ومنه يسمى يوم السبت لانقطاع الأيام عنده وجمعه أسْبُتٌ و سُبُوتٌ و السَّبْتُ أيضا قيام اليهود بأمر سبتها ومنه قوله تعالى {يوم سبتهم شرعا ويوم لا يَسْبِتُون} وباب الأربعة ضرب و أسْبَتَ اليهودي دخل في السبت و السُّبَاتُ النوم وأصله الراحة ومنه قوله تعالى {وجعلنا نومكم سباتا} وبابه نصر و المَسْبُوتُ الميت والمغشي عليه) إنتهى وفي القاموس المحيط (باب التاء فصل السين) قال الفيروزآبادي (السَّبْتُ: الرَّاحةُ والقَطْعُ والدَّهْرُ وحَلْقُ الرأسِ وإرْسالُ الشَّعَرِ عن العَقْصِ وسَيْرٌ للاْ بِلِ) وفي نفس المصادر هذه نصوا على أن من معاني السبات الموت فقال كل من صاحب لسان العرب وصاحب الصحاح في الصفحة 133 وصاحب مختار الصحاح: (والمَسْبُوتُ المَيِّتُ والمَغْشِيُّ عليه.) وقال صاحب القاموس والمَسْبوتُ: المَيِّتُ.) إنتهى

وفي الشرع صرح الله أن النوم وفاة فالنوم موت كما قال الله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر:42] وقال أيضاً: (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (60) سورة الأنعام، وعبر النبي عليه الصلاة والسلام عن النوم بالموت فكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول عند استيقاظه من النوم: (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور) رواه البخاري في صحيحه ح 5837 و 5839 و 6845 و 5849 عن حذيفة ورواه ايضا في صحيحه ح 5850 و 6846 عن أبي ذر ورواه مسلم في صحيحه ح 4886 عن البراء بن عازب وقال صلى الله عليه وآله وسلم (النوم أخو الموت و لا ينام أهل الجنة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير