تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال ابن جرير: حدثني يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يزيد بن يونس، عن أبي صخر، عن أبي معاوية البجلي، عن سعيد بن جبير، عن أبي الصهباء البكري، أنه سمع عبد الله بن مسعود -وهو يسأل عن هذه الآية: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} -فقال عبد الله: الغناء، والله الذي لا إله إلا هو، يرددها ثلاث مرات.

وقال أيضًا:

حدثنا عمرو بن علي، حدثنا صفوان بن عيسى، أخبرنا حُمَيْد الخراط، عن عمار، عن سعيد بن جبير، عن أبي الصهباء: أنه سأل ابن مسعود عن قول الله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} قال: الغناء (1).

وكذا قال ابن عباس، وجابر، وعِكْرِمة، وسعيد بن جُبَيْر، ومجاهد، ومكحول، وعمرو بن شعيب، وعلي بن بَذيمة.

وقال الحسن البصري: أنزلت هذه الآية: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} في الغناء والمزامير.

وقال قتادة: قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ}: والله لعله لا ينفق فيه مالا ولكنْ شراؤه استحبابه، بحسب المرء من الضلالة أن يختارَ حديثَ الباطل على حديث الحق، وما يضر على ما ينفع.

وقيل: عنى بقوله: {يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ}: اشتراء المغنيات من الجواري.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحْمَسي: حدثنا وَكِيع، عن خَلاد الصفار، عن عُبَيْد الله بن زَحْر، عن علي بن يزيد، عن القاسم بن عبد الرحمن (2) عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهن، وأكل أثمانهن حرام، وفيهن أنزل الله عز وجل عَلَيّ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ}.

وهكذا رواه الترمذي وابن جرير، من حديث عُبَيد الله بن زحر بنحوه (3)، ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب. وضَعُفَ (4) علي بن يزيد المذكور.

قلت: علي، وشيخه، والراوي عنه، كلهم ضعفاء. والله أعلم.

وقال الضحاك في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} يعني: الشرك. وبه قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ واختار ابن جرير أنه كل كلام يصد عن آيات الله واتباع سبيله.

وقد ذكر صاحب زاد المسير:

وفي المراد بلهو الحديث أربعة أقوال.

أحدها: [أنه] الغناء. كان ابن مسعود يقول: هو الغناء والذي لا إِله إِلا هو، يُردِّدها ثلاث مرات؛ وبهذا قال ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وقتادة. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد، قال: اللهو: الطبل.

والثاني: أنه ما ألهى عن الله، قاله الحسن، وعنه مثل القول الأول.

والثالث: أنه الشِّرك، قاله الضحاك.

والرابع: الباطل، قاله عطاء.

وقال الجزائري:

{لهو الحديث}: أي الحديث الملهي عن الخير والمعروف وهو الغناء.

وقال السعدي:

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ} هو محروم مخذول {يَشْتَرِي} أي: يختار ويرغب رغبة من يبذل الثمن في الشيء. {لَهْوَ الْحَدِيثِ} أي: الأحاديث الملهية للقلوب، الصادَّة لها عن أجلِّ مطلوب. فدخل في هذا كل كلام محرم، وكل لغو، وباطل، وهذيان من الأقوال المرغبة في الكفر، والفسوق، والعصيان، ومن أقوال الرادين على الحق، المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق، ومن غيبة، ونميمة، وكذب، وشتم، وسب، ومن غناء ومزامير شيطان، ومن الماجريات الملهية، التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا.

فهذا الصنف من الناس، يشتري لهو الحديث، عن هدي الحديث {لِيُضِلَّ} الناس {بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي: بعدما ضل بفعله، أضل غيره، لأن الإضلال، ناشئ عن الضلال.

وقال سيد طنطاوي:

و {لَهْوَ الحديث}: باطله، ويطلق على كل كلام يلهى القلب، ويشغله عن طاعة الله - تعالى -، كالغناء، والملاهى، وما يشبه ذلك مما يصد عن ذكر الله - تعالى -:

وقد فسر كثير من العلماء بالغناء، والأفضل تفسيره بكل حديث لا يثمر خيرا.

وقال القرطبي:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير