ـ[حكيم بن منصور]ــــــــ[24 Jul 2010, 05:47 م]ـ
الحمد لله
هذا تتمة كلام الشيخ أبي بكر جابر الجزائري في كتابه "الإعلام بأن العزف والغناء حرام" ص365 فيما يتعلق بآية سورة لقمان قال:
وقد يقول المقنع (هذه كناية في كل الرسالة إلى من قال بإباحة الغناء وكتب بذلك في جريدة عكاظ والرائد وكانتا تصدران في مكة وجدة ذكر ذلك في المقدمة ص359): إن هذه الآيات التي سقتموها أدلة على تحريم الغناء ومنعه ليست هي صريحة في ذلك، وكل ما فيها أنه إيماء وإشارة فقط!
ولكنا نقول:
1 - إن من له أدنى علم بكتاب الله تعالى يعرف أن التحريم للأشياء لا يكون فيه دائما بصيغة التحريم أو النهي، وإنما يكون بهما ويكون بغيرهما من الصيغ، وقد يكون أبلغ في الزجر، وأشدّ في التحريم. وذلك كأن يذكر عاقبة سيئة لفعل ما من الأفعال أو يذكر شيئا معقبا عليه بذمّه أو بذم فاعله ومتعاطيه، فإن هذا يكون محرما كالنّهي عنه أو أشدّ، ومن ذلك: الحسد والكبر والسحر، والغل والغلول، فهذه وغيرها محرمة إجماعا، ومع هذا فلم ينزل فيها حرف واحد يكون بالصيغة التي يريد "المقنع" وهي النهي الصريح أو التحريم الصريح، وكل ما جاء فيها أن الله تعالى ذمّ السحر وفاعله وهذا هو الشأن كذلك في الكبر والغل والمغلول.
وأوضح من هذا فاحشة اللواط فإنها طبعا وشرعا وبإجماع البشرية قاطبة والشرائع الإلهية عامة، ومع هذا لم يرد فيها نص واحد من الكتاب الكريم يحرمها بالصيغة التي يريد "المقنع" و أمثاله. وكل ما جاء في تحريم هذه الفاحشة العظمى حكايته تعالى عن نبيه لوط عليه السلام، وهو يؤنب قومه، ويعتب عليهم في شأنها، مع ذكر عاقبة خاسرة كانت لهم بسببها وبغيرها من الذنوب والمعاصي، فهل يستطيع "المقنع" ومن لفّ لفه أن يقول: اللواط مباح -كما قال في الغناء- وليس بمحرم، لأن الكتاب لم ينص على تحريمه ومنعه بصيغة المنع والتحريم؟
وقد يقول "المقنع" -فتح الله للحق بصيرته-: إن اللواط حرم بلفظ صريح في التحريم، وهو قول الله تعالى في بيان ما حرم على عباده: (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن) الأنعام 151.
غير أننا نقول له: إن الفواحش لفظ عام للواط وغيره من كل قبيح شديد القبح كالبخل والشح والزنا ومقدماته، والكذب والسرقة والزمر والغناء، فليس إذا لفظ الفواحش نصا في تحريم اللواط، وإنما هو دال على تحريمه كما هو دال على تحريم المعازف والغناء سواء بسواء.
2 - ليعلم "المقنع" أن الغناء في عرف اللغة معناه الصوت الحسن، فلو نزل القرآن بتحريم الصوت الحسن لحرم على المؤمن أن يرفع صوته مخافة أن يكون في صوته حسن أو تطريب، وأي حرج أعظم من هذا الحرج؟ والله يقول (وما جعل عليكم في الدين من حرج) [الحج 87].
ومن هنا كان تحريم الغناء وهو الصوت الحسن مشروطا بأن يكون داعيا إلى لهو، أو يكون معه زور من الكلام، وباطل من القول، لا مطلق الصوت، فإنه يكون بالقرآن وبغيره من الكلام الطيب، وهو إذ ذاك لا محذور فيه، ولعل هذا هو السرّ في مجيء الغناء الحرام في القرآن الكريم بلفظ السمود، لأن السمود لا يتناول في باب الغناء، غير الغناء المعوف، والذي لا يخلو من لهو ومجون، ولا تخلو ألفاظه من لغو وباطل محرمين.
ومن هنا أيضا جاء الغناء الحرام مقرونا بلفظ اللهو في قوله تعالى (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) لقمان 6 الآية للتنبيه على أن المراد بالغناء ذاك النوع الخاص المقرون باللهو، كآلات الطرب الصارف عن ذكر الله تعالى، الصادّ عن سبيله كما جاء بلفظ صوت الشيطان في قوله عز وجل (واستفزز من استطعت منهم بصوتك) الإسراء 64. لأن الشيطان لا يوحي إلا بالباطل ولا يوسوس بغير زخرف القول تضليلا وتغريرا.
اهـ المقصود مما يتعلق باللآية الكريم من سورة لقمان عليه السلام، والله الموفق وله الحمد والمنة
وللتنبيه هذا الكتاب قديم اقتنيته أنا سنة 1989 ولعله ألفه قبل ذلك بكثير.