تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كما قدمتُ فالتكلف في البيان وفي تقيل البيان طريق بياني معروف، والكتابة على السجية من غير تكلف للبيان ولا تكلف لتقيل بيان واحد من الناس = أحسن، وقد يقع مع الأخيرة شبه بين بيان وبيان ولا يكون ذلك من تكلف الموافقة، كما تتشابه أصوات القراء أحياناً من غير قصد التقليد، وفرق ما بين البابين في البيان لا يُرزق كشفه إلا متذوق من الطراز الأول ..

ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[19 Jul 2010, 02:28 م]ـ

وقد كتب الدكتور محمد محمد أبو موسى بعض المباحث حول إضافة الرافعي لنظرية الإعجاز جديرة بالقراءة والدراسة.

الأوجه التي أضافها الرافعي في حديثه عن إعجاز القرآن كما ذكرها د. محمد محمد أبو موسى

- أسّس الرافعي كلامه في الإعجاز على بيان حال الجيل الذي نزل عليه القرآن وكونه قد تهيئت له أسباب الفصاحة والبلاغة وبينا هو يرقى في درجات النبوغ اللغوي والتفوق البياني راجيا الوصول إلى ذروته وبلوغ قمته استشرافا للمثل الأعلى إذ نزل القرآن ليقطع الأطماع وليروا فيه الكمال المطلق.

يقول الرافعي: (وهذا موضعٌ عجيبٌ للتأمل ما ينفد عجبه على طرح النظر وإبعاده وإطالة الفِكر وترداده, وأي شيء في تاريخ الأمة أعجب من نشأة لغوية تنتهي بمعجزة لغوية؟ ثم يكون الدين والعلم والسياسة وسائر مقومات الأمة مما تنطوي عليه هذه المعجزة).

- ونتج عن هذه الفكرة وجه من وجوه الإعجاز, وهو: أن القرآن جمع أولئك العرب على لغة واحدة بما قد استجمع فيها من محاسن هذه الفطرة اللغوية التي جعلت أهل كل لسان يأخذون بها ولا يجدون لهم عنها مرغبا, إذ يرونها كمالا لما في أنفسهم من أصول تلك الفطرة البيانية, ومما وقفوا على حد الرغبة فيه من مذاهبها دون أن يقفوا على سبيل القدرة عليه"

- ومن تلك الأوجه: أن القرآن حوّل الجنسية العربية من مجرد عرق, إلى مضمون فكري وثقافي ولغوي.

يقول: "فبقاء القرآن على وجهه العربي مما يجعل المسلمين جميعا على اختلاف ألوانهم من الأسود إلى الأحمر, كأنهم في الاعتبار الاجتماعي, وفي اعتبار أنفسهم جسد واحد, ينطق في لغة التاريخ بلسان واحد, فمن ثَم يكون كل مذهب من مذاهب الجنسية الوطنية قد زال حيّزه, وانتفى من صفته الطبيعية, لأن الجنسية الطبيعية التي تقدر بها فروض الاجتماع ونوافله, وإنما هي في الحقيقة لون القلب لا سحنة الوجه"

- ومن تلك الأوجه: أنه لما كان أدب القوم هو ترجمة لحالهم الاجتماعي والثقافي والفكري, كما ترى ذلك في أشعار العرب كزهير وامرئ القيس وغيرهما, فلا يمكن أن يكون القرآن حينئذ أثر أدبي لزمن المبعث, فليس لمنكر أن القرآن من عند الله إلا أحد أمرين: إما أن يزعم أن هذا الجيل الذي نزل فيه القرآن على قدر من العلم والحكمة والحضارة سبق بها كل أجيال البشر الذي قبله والتي بعده, وإما أن تكذب التاريخ الذي يحدث عن الجيل الذي كان موجودا تلك الفترة زمن نزول القرآن.

يقول الرافعي: "إن الذي لا يعتقد مستبصرا أن هذا القرآن من عند الله إذا هو نظر فيه وأثبت حقيقته وقوي على تمييزها وكان ممن ينزلون على حكم النظر والمعرفة, فهو لا يجد مناصا من رد التاريخ والتكذيب له, ثم الإقرار بأن هذا القرآن إنما هو أثر من لغة قوم جاوزوا في الحضارة حد أهلها من سائر الأجيال, وبلغوا من أحوال المدنية أرقى هذه الأحوال, وكانوا من العلوم في مقام معلوم"

- ومن تلك الأوجه: الإعجاز الصوتي وأن الذين نزل فيهم القرآن أدركوا أن هذا البناء الصوتي باب من أبواب العجز لا قبل لهم به وإذا أردت التأكد من ذلك فخذ ما شئت من بليغ كلامهم المنثور وأجْر عليه طريقة ترتيل القرآن, وأشبع الحروف والغنّات والمدات وسوف ترى أنك خرجت بهذا النص إلى كلام غث وكأنك تسقط بلاغته.

- من تلك الأوجه: الإعجاز في أسلوبه, وتبيين هذا الوجه أن كل كاتب يحرص على تجويد أسلوبه وتحسينه ومراجعته حرصا من على خروجه على أفضل حال مع امتزاج هذا الأسلوب بطبع كاتبه , فإذا نظرت إلى أسلوب القرآن لا تجد فيه شيئا من ذلك , لأنه لا يلقاك بلغة أتقنها صاحبها, ولا يلقاك بأسلوب أجاد صاحبه وصفه وسبكه, وإنما غرابته أنك لا ترى فيه شيئا يمكن أن يحمل إليك مجهود الإنسان

وكل هذه الأوجه التي عالجها الرافعي كما بينها د. أبو موسى مبنية على أصل مهم في دراسة الإعجاز وهو عدم اشتراك بلاغة القرآن في شيء من بلاغة البلغاء في كلامهم وهي ما تسمى (البلاغة المختصة بالقرآن).

* ملاحظة: نسيت أن أشير إلى المصدر فأحببت وضعه هنا بعد تنبيه فضيلة المشرف العام والمصدر هو (الإعجاز البلاغي: دراسة تحليلية لتراث أهل العلم) د. محمد محمد أبو موسى, كما ذكره فضيلته

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Jul 2010, 11:03 ص]ـ

بارك الله فيكم يا أبا عبدالرحمن على تلخيصكم لكلام الدكتور محمد أبو موسى في بلاغة الرافعي، وليتك ذكرت المصدر الذي لخصت منه كلام أبي موسى في الموضوع، والذي كنتُ أقصده في إشارتي هو ما كتبه في مقدمته للطبعة الثالثة من كتابه (الإعجاز البلاغي: دراسة تحليلية لتراث أهل العلم) من 3 - 21، وهو كلامٌ جميلُ جداً جديرٌ بأن ينقل كله هنا.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير