وأما المعْلَم الثالث فهو الرد على فرية الصّرفة في الإعجاز القرآني، ولقد فصّل الرافعي القول في هذا الموضوع تفصيلاً في عدد غيرِ قليل من صفحات كتابه، وفي أكثر من موقع في بحثه النفيس الجليل إعجازِ القرآن.
إن أول من ابتكر هذا المصطلح – الصرفة – هو إبراهيم النظّام، أحد أكثر المعتزلة شهرة وذكاء، والمصطلح في واقع أمره يحمل فكرًا خبيثًا، إن لم يكن كفرًا مقنّعًا – بتشديد النون – وإن مقتضى معنى الصرفة هو أن الله صرف العرب عن أن يقولوا كلامًا في مستوى بلاغة القرآن، وأنه لولا أن الله صرفهم عن ذلك لكانوا قد جاؤوا بما هو مماثل له فصاحةً وبلاغةً وبيانًا.
ويتمثل المعْلَم الرابع في أن من يسمع القرآن مرتلاً بصوت جميل، سواء كان هذا المستمع عربيًا أم أعجميًا لا يفهم العربية، سرعان ما يخفق قلبه خفقة الإيمان التي تقوده في آخر أمره إلى الإيمان به كتابًا مُنزلاً من عند الله، ولا يلبث أن يؤمن ويدلف في رفق إلى ساحة الإسلام المهيبة، مرتديًا ثوب الإيمان بالله ربًا واحدًا وبمحمد (صلى الله عليه وسلم) رسولاً ومعلمًا وقائدًا.
ويتمثل المعْلَم الخامس في ريادة الرافعي للتفسير العلمي للقرآن الكريم؛ فلقد خصص الرافعي في كتابه فصلاً نفيسًا جعل عنوانه: "القرآن والعلوم"، خصصه للعلوم العربية وأضاف إليها بعض العلوم الكونية الموصولة الأسباب بالقرآن الكريم وبعض العبادات والمواقيت، ثم أفرد فصلاً تاليًا بعنوان "سرائر القرآن" ثم فصلاً ثالثًا خصصه لتفسير عدد من آيات خلق الإنسان.
وأما المعْلَم السادس من معالم كتاب إعجاز القرآن للرافعي، ولعله أهمها وأعمقها هو ما قد اصطلح علماء القرآن على تسميته باسم "المناسبة" التي يجمل الرافعي تعريفها بقوله: من أعجب ما اتفق في هذا القرآن من وجوه إعجازه أن معانيه تجري في مناسبة الوضع وإحكام النظم مجرى ألفاظه، وذلك يربط كل كلمة بأختها، وكل آية بنظيرتها، وكل سورة بما تليها.
ومما يذكر أن الدكتور مصطفى الشكعه أستاذ الأدب والفكر الإسلامي بجامعة عين شمس المصرية والجامعات العربية وأحد أعلام فكرنا المعاصر، له العديد من المؤلفات الأدبية، وقد نال العديد من الجوائز والأوسمة.
ومن مؤلفاته
إسلام بلا مذاهب، فنون الشعر في مجتمع الحمدانيين، بديع الزمان الهمذاني رائد القصة العربية والمقالة الصحفية، أبو الطيب المتنبي في مصر والعراق، معالم الحضارة الإسلامية، الإمام الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل، وغيرها من المؤلفات التي أثرت المكتبة العربية الإسلامية ..
المصدر: الإسلام اليوم ( http://www.islamtoday.net/nawafeth/artshow-100-135446.htm) .
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Jul 2010, 11:46 م]ـ
مقالُ ماتع وفق الله كاتبه، وجزى الله الدكتور مصطفى الشكعة خيراً فأسلوبه سهل ممتنع، ومن أجمل الكتب الأدبية التي قرأتها له قديماً (رحلة الشعر من الأموية إلى العباسي) واستفدت منه فوائد أدبية لم تذهب متعتها حتى اليوم، وكتابه (فنون الشعر في مجتمع الحمدانيين) مثله، وله كتب أخرى مفيدة جزاه الله خيراً.
ورحم الله الإمام الرافعي فقد كان إماماً في النثر غير مدافع، لم أجد له نظيراً في كتاب العربية قديماً وحديثاً، وما أحوجنا أن نتربى على أسلوبه وبلاغته، ونحتذي حذوها في كتاباتنا من غير تكلف. وكتابه في إعجاز القرآن لا نظير له، وقد كتب الدكتور محمد محمد أبو موسى بعض المباحث حول إضافة الرافعي لنظرية الإعجاز جديرة بالقراءة والدراسة.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[19 Jul 2010, 12:25 ص]ـ
ونحتذي حذوها في كتاباتنا من غير تكلف.
هذا يبعد أن يكون ..
ولا يُحتذى حذو بيان الرافعي إلا بتكلف؛ لأن بيانه-رحمه الله- فيه تكلف ..
والتكلف ليس ذماً ولكنه طريقة من طرائق الاحتشاد للقول، ووجه قديم من وجوه المفاضلة بين بيان الناس ..
فإن نجا المحتذي من تكلف الاحتذاء = فلن ينجو من التكلف الكامن في طريقة الرافعي البيانية نفسها ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Jul 2010, 04:35 ص]ـ
لعلنا نحاول يا أبا فهر تكلف احتذاء بيان الرافعي كما يتكلف بعضنا احتذاء بيان أبي فهر رحمه الله!
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[19 Jul 2010, 04:39 ص]ـ
¥