تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن وقوع تلك الأحداث، ووجود تلك الملابسات لم يلغ هذا الحق، لأن الله -سبحانه وتعالى- يعلم أنه لا بد من مزاولته في أخطر الشئون، ومهما تكن النتائج، ومهما تكن الخسائر، فهذه كلها جزئيات، لا تقوم أمام إنشاء الأمة الراشدة، المدربة بالفعل على الحياة، المدركة لتبعات الرأي والعمل، الواعية لنتائج الرأي والعمل، ومن هنا جاء هذا الأمر الإلهي في هذا الوقت بالذات (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) () [سورة آل عمران، الآية: 159].

إن حقيقة الشورى هي تقليب أوجه الرأي، واختيار اتجاه من الاتجاهات المعروضة، فإذا انتهى الأمر إلى هذا الحد انتهى دور الشورى، وجاء دور التنفيذ، التنفيذ في عزم وحسم، وفي توكل على الله

- ليس من الشورى:

نقل عن ابن عاشور في تفسير قوله تعالى: (((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ))) [سورة البقرة، الآية: 30].

* قال:وقول الله هذا موجه إلى الملائكة على وجه الإخبار، ليسوقهم إلى معرفة فضل الجنس الإنساني، على وجه يزيل ما علم الله أنه في نفوسهم من سوء الظن بهذا الجنس، وليكون كالاستشارة لهم تكريما لهم، فيكون تعليما في قالب تكريم، مثل إلقاء المعلم فائدة للتلميذ في صورة سؤال وجواب، وليسنّ الاستشارة في الأمور، ولتنبيه الملائكة على ما دق وخفي من حكمة خلق آدم، كذا ذكر المفسرون، وعندي -الكلام لابن عاشور- أن هذه الاستشارة جعلت لتكون حقيقة مقارنة في الوجود لخلق أول البشر، حتى تكون ناموسا أشربته نفوس ذريته، لأن مقارنة شيء من الأحوال والمعاني لتكوين شيء ما تؤثر تآلفا بين ذلك الكائن وبين المقارن.

الموضع الثاني:

قال -تعالى- في سورة الصافات: (((فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ))) [سورة الصافات، الآية 102].

قال الإمام الطبري: فإن قال قائل: أو كان إبراهيم يؤامر ابنه في المضي لأمر الله، والانتهاء إلى طاعته؟ قيل: لم يكن ذلك منه مشاورة لابنه في طاعة الله، ولكنه كان منه ليعلم ما عند ابنه من العزم، هل هو من الصبر على أمر الله على مثل الذي هو عليه، فيسر بذلك أم لا!! وهو في الأحوال كلها ماض لأمر الله.

ثم قال حفظه الله: إن هاتين الآيتين قد تبدو الشورى في ظاهر سياقهما، ولكن عند النظر في تفسيرهما، ندرك أنه لا شورى فيهما، لأن الاستشارة الحقيقية هي استخراج الرأي للإفادة منه من قِبَل المستشير، وذلك بالعمل به إن كان صوابا، وليس من هذا شيء في هاتين الآيتين كما ذكر المفسرون.

فالموضع الأول: الله غني عن رأي أحد من المخلوقين.

والموضع الثاني: قد جاء الأمر فيه من الله، وليس بعد أمر الله أمر ولا خيار (((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ))) [سورة الأحزاب، الآية: 36].

الخ تلك الفوائد

ـ[السراج]ــــــــ[12 Jul 2010, 10:04 ص]ـ

أفيدكم أنه قد طبع الكتاب في دار الحضارة في هذا العام ..

ـ[السراج]ــــــــ[12 Jul 2010, 07:35 م]ـ

ذكر الشيخ وفقه الله أهداف الاستشارة وآثارها فقال:

أهداف الاستشارة وآثارها:

هناك أهداف نسعى لتحقيقها من خلال الاستشارة، وإذا تحققت المشاورة على وجهها الصحيح فإن لها من الآثار الإيجابية ما لا يخفى.

وللتداخل بين الأهداف والآثار فسأذكرهما معا دون تمييز لهما، وبخاصة أن ما سأذكره قد يكون هدفا وأثرا في آن واحد، وسأقتصر على أهم الأهداف والآثار غير مستقص لذلك ([1] ( http://www.tafsir.net/vb/t20667.html#_ftn1)).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير