تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هل سمعتهم يتحدثون عن خطورة تحويل المرأة إلى سلعة استهلاكية رخيصة تستدر بها الأموال وتشبع بها النزوات وتسوق بها البرامج الفضائية الساقطة كمحكم من محكمات الحياة الاجتماعية؟؟!! هل سمعتهم يتحدثون عن محكمات المنهج العلمي في تلقي المعرفة باعتماد الوحيين في طليعة سلم تلقي المعرفة؟؟!!

هل سمعتهم يوما من الدهر يتلون عليك ضابط ذلك التلقي في قوله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ... "؟؟!! هل هم يعتمدون منهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين في فهم الدين؟؟!! فتسمع في أطروحاتهم قوله صلى الله عليه وسلم حين ذكر حديث افتراق أمته إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، فيسأله الصحابة عنها فيحددها بضابط علمي جلي جامع مانع في قوله صلى الله عليه وسلم:" من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي "؟؟!! هل سمعتهم يعظمون ورثة الأنبياء وينزلونهم منازلهم وفد زكاهم نبيهم صلى الله عليه وسلم فقال:" العلماء ورثة الأنبياء " وهذه كلها بعض محكمات المنهج المنجي من تفرق الصف واختلاف الكلمة؟؟!!.

الجواب: لا .. نحن لم نسمعهم يوما من الدهر يتحدثون في هذه المحكمات!! إنهم لا يحبون الحديث عنها ولا يحبذونه، قل لي لماذا؟ وستجد ربك الكريم يقول لك في محكم البيان مجيبا عن هذا السؤال:" فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ... "

إن ربك يجلي أهدافهم في أمرين اثنين: ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله .. فأما ابتغاء الفتنة فهاهم يبيتونها من الليل وينشرونها في النهار عبر وسائل الإعلام المختلفة، وهم يعلمون في قرارة أنفسهم أنها الفتنة ليس إلا .. وإذا ما أرادوا الضحك على الناس قالوا (المهم هو الإرهاب ومحاربته) يقصدون إرهاب السلاح، متناسين الطرف الآخر من المعادلة الإرهابية وهو الإرهاب الفكري والقيمي التغريبي الوارد في قوله تعالى:" والفتنة أشد من القتل " إي والله!! فإن فتنة الناس في دينهم أشد من فتنتهم في دنياهم وقد شهد الله على منتهجي طريقهم بذلك في صريح الآية السابقة .. غير أن المختصين في تتبع المتشابهات قد عشيت عيونهم عن رؤية الحقيقة.

وأما ابتغاء تأويله فمن يستقرىء طروحاتهم يقف على صنوف من هذا التأويل الخطير للنصوص الشرعية لتوافق مراداتهم العقلية القاصرة أو لتوافق شهواتهم التي استحكمت في نفوسهم فما استطاعوا منها فكاكا.

ثم يأتي التحديد الدقيق من المولى سبحانه لموقف الراسخين في العلم تجاه هذين القسمين – المحكمات والمتشابهات – في قوله تعالى " والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل – المحكم والمتشابه – من عند ربنا " .. وهو سلوك الواعين الذين جمعوا بين الذكاء والزكاء " وما يذكر - في التفريق بين المحكم والمتشابه وحسن التعامل معهما - إلا ألو الألباب " أما الذين في قلوبهم زيغ فأنى لهم الذكرى وقلوبهم مُجَخِّية لم تجد المحكمات إليها سبيلا.

ثم جاءت الآية الثانية في صورة دعاء يستلهمه المؤمن بأن يجنبه الله سلوك أرباب الفتنة والتأويل الباطل: " ربنا لا تزغ قلوبنا " فنفعل كما فعل ضحايا المتشابهات .. " وهب لنا من لدنك رحمة - نسلك بها بعد توفيقك سبيل الراسخين في العلم – إنك أنت الوهاب " .. ولن يتحقق ذلك إلا بالمعالجة التربوية القرآنية التي تفتح القلب على الآخرة كما نصت عليه الآية الثالثة " ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه ... " وما أعجب تناسب هذه الآيات ووحدتها الموضوعية.

تعال يا ضحية المتشابهات!!! يا مبتغي فتنة الناس عن محكمات دينهم وقيمهم وأخلاقهم!!! ثكلتك أمك!!! أنسيت أنك رقم في إحصائية ذلك اليوم حين تقف بين يدي الله تعالى قد تجردت من كل شيء، فيسألك: أين سارت بك المتشابهات؟ وكم خلفت من التضليل والتجهيل والتخبيل؟ ألهذا خلقت؟ ألهذا منحت السمع والبصر والفؤاد والمنبر؟؟؟!!! ونسيت أنك عن كل ذلك مسؤول .. أم أنك تشك في وقوع ذلك اليوم أو تستبعده؟؟ لا .. لا .. إن الله يختم الآية بقوله تباركت أسماؤه " إن الله لا يخلف الميعاد " وهو ورب البيت أقرب إليك من شراك نعلك.

إنها منهجيتنا التربوية أيها العقلاء .. منهجية تفتح القلب على الآخرة ليحدث ثورة هائلة في عالم السلوك.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير