تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

- الملاحظة الثانية: متعلقة بغياب التفسير المطول والشامل لجميع الآيات، خلافا لما نقل عمن جاء بعدهم، وتطور في العصور اللاحقة، حيث لم تتجاوز أقوالهم شرح بعض المفردات والتراكيب، وبيان المناسبات مما له علاقة بالأماكن والوقائع وأسباب النزول.

- الملاحظة الثالثة: متعلقة بندرة اختلاف التضاد فيما نقل عنهم من تفاسير لنفس الآيات (5).

وشهد آخر عصر الصحابة اتساع نطاق الحاجة إلى تفسير القرآن بسبب الفتوحات ودخول أعداد كبيرة من العرب والأعاجم في الإسلام، وعدم إحاطة كثير منهم باللغة وظروف التنزيل الذي امتد لبضع وعشرين سنة. فكان لاستقرار بعض الصحابة المشهورين بالتفسير في مكة والمدينة والعراق أثر في نشأة حركة علمية للإجابة عن التساؤلات المتعلقة بفهم القرآن، كان على رأسها:

- عبدالله بن عباس (ت: 68)، الذي استقر في مكة، ونسبت له "مدرسة التفسير" فيها، وتتلمذ عليه: مجاهد بن جبر (ت: 104)، وسعيد بن جبير (ت: 95)، وطاووس بن كيسان اليماني (ت: 106)، وعكرمة البربري (ت: 104)، وعطاء بن أبي رباح (ت: 114)، وأبو الشعثاء بن زيد الأزدي (ت: 93) (6).

- أبي بن كعب، الذي استقر في المدينة، ونسبت له "مدرسة التفسير" فيها، ومن تلاميذه: أبو العالية رافع بن مهران (ت: 90)، ومحمد بن كعب القرظي (ت: 118)، وسعيد بن المسيب (ت: 95)، وزيد بن أسلم (ت: 136) (7).

- عبدالله بن مسعود (ت: 35)، الذي استقر بالكوفة في العراق، ونسبت له "مدرسة التفسير" فيها، ومن تلاميذه: علقمة بن قيس النخعي (ت: 61)، ومسروق بن الأجدع (ت: 63)، وزِرّ بن حُبَيش (ت: 82)، وعبد الله بن حبيب السلمي (ت: 73)، والأسود بن يزيد النخعي (ت: 74)، وعامر الشعبي (ت: 109)، والحسن البصري (ت: 110)، وقتادة بن دعامة السدوسي (ت: 117)، وعبيدة السلماني (ت: 72) (8).

وبالإضافة لذلك، تضافرت عوامل هامة أخرى ساهمت في تطور حركة التفسير في عصر أتباع التابعين، منها:

- الخلافات السياسية التي زادت حدتها إثر مقتل الخليفة عثمان بن عفان (سنة 35)، والتي اختلط فيها السياسي بالديني،

- بداية الكلام في مسائل الاعتقاد، وظهور القول بالقدر والإرجاء في مقابل غلو الخوارج، واستمرار ذلك إلى أواخر القرن الثاني للهجرة، مع ظهور القول بخلق القرآن ونفي الصفات،

- ظهور الوعّاظ والقصّاصين الذين اهتموا بأحاديث الترغيب والترهيب، وبالقصص القرآني،

- التأسيس لنشأة ثلاثة تخصصات جديدة: علم اللغة، والأدب، ورواية الحديث النبوي (9).

وفي هذا العصر أيضا، بدأ تدوين التفاسير المستقلّة، وجمع أقوال بعض التابعين وأتباعهم في كتب، ومنها (10): تفسير مجاهد، وتفسير ابن عباس وتفسير الحسن البصري، وتفسير قتادة، وتفسير سفيان الثوري، وتفسير السدي الكبير، وتفسير عبدالرزاق الصنعاني.

ومن الملاحظ أن حركة التفسير اكتفت، طيلة طور التأسيس، ببيان بعض المفردات والعبارات القرآنية، وبتفسير بعض آيات الأحكام، وقصص القرآن. ولم يظهر تفسير القرآن كاملا إلا في أواخر القرن الثالث للهجرة (11)، حيث أصبح التفسير علما قائما.

وأما من الناحية المنهجية، فيمكن القول إن التفسير في طور التأسيس غلبت عليه نزعتان:

- نزعة أثرية، تعنى برواية الأقوال مسندةً إلى أصحابها، على نمط أهل الحديث. وممن تميز بذلك في تفسيره: مجاهد (ت: 102)، والحسن البصريّ (ت: 110)، والسدّيّ الكبير (ت: 128)، وسفيان الثوريّ (ت: 161).

- نزعة لغوية بيانية، تعنى ببيان معاني المفردات القرآنية من خلال الشواهد الشعرية وأقوال العرب. وممن تميز بذلك: أبو عبيدة مَعمَر بن المثنّى (ت: 210) في كتابه "مجاز القرآن"، والفرّاء (ت: 207) في كتابه "معاني القرآن"، والأخفش (ت: 215) في كتابه "معاني القرآن".

2 - طور التأصيل:

يمثل عمل أبي جعفر محمد بن جرير الطبريّ (ت: 310) علامة فارقة في حركة التفسير، باعتباره أول من أصّل لعلم التفسير وأرسى أسسَه وقواعدَه، وأيضا باعتباره أول من فسّر القرآن آيةً آية وجملةً جملة، وذلك في نهاية القرن الثالث للهجرة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير