وقد ذكر الدكتور فهد الرومي أمثله على اختيار الدكتور عبد الرزاق نوفل الانتقائي للكلمات حتى يستقيم له التوازن العددي، ومن ذلك قوله: إن لفظ اليوم ورد في القرآن (365) مرة بعدد أيام السنة، وقد جمع لإثبات هذا لفظي " اليوم "، " يوماً " وترك " يومكم " و " يومهم " و " يومئذ "؛ لأنه لو فعل لاختلف الحساب عليه! وكذلك الحال في لفظ " الاستعاذة " من الشيطان ذكر أنه تكرر (11) مرة، يدخلون في الإحصاء كلمتي " أعوذ " و " فاستعذ " دون " عذت " و " يعوذون " و " أعيذها " و " معاذ الله ".
انظر: " اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر " (2/ 699، 700) بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية 1414هـ.
وبهذا الكلام العلمي المتين يتبيَّن الجواب عن كلمة " يوم " وعددها في القرآن الكريم، والذي جاء في السؤال.
ثالثاً:
وأما الحساب الذي يذكره الله تعالى في كتابه الكريم فهو الحساب الدقيق الذي لا يختلف على مدى السنوات، وهو الحساب القمري.
وفي قوله تعالى: (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا) الكهف/25 ذكر بعض العلماء أن عدد (300) هو للحساب الشمسي، وأن عدد (309) هو للحساب القمري! وقد ردَّ على هذا القول الشيخ محمد بن صالح العثيمين، وبيَّن في ردِّه أن الحساب عند الله تعالى هو الحساب القمري لا الشمسي.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
" (وَازْدَادُوا تِسْعاً) ازدادوا على الثلاث مائة تسع سنين، فكان مكثُهم ثلاث مائة وتسع سنين، قد يقول قائل: " لماذا لم يقل مائة وتسع سنين؟ "
فالجواب: هذا بمعنى هذا، لكن القرآن العظيم أبلغ كتاب، فمن أجل تناسب رؤوس الآيات قال: (ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً)، وليس كما قال بعضهم بأن السنين الثلاثمائة بالشمسية، وازدادوا تسعاً بالقمرية؛ فإنه لا يمكن أن نشهد على الله بأنه أراد هذا، مَن الذي يشهد على الله أنه أراد هذا المعنى؟ حتى لو وافق أن ثلاث مائة سنين شمسية هي ثلاث مائة وتسع سنين بالقمرية فلا يمكن أن نشهد على الله بهذا؛ لأن الحساب عند الله تعالى واحد.
وما هي العلامات التي يكون بها الحساب عند الله؟
الجواب: هي الأهلَّة، ولهذا نقول: إن القول بأن " ثلاث مائة سنين " شمسية، (وازدادوا تسعاً) قمرية قول ضعيف.
أولاً: لأنه لا يمكن أن نشهد على الله أنه أراد هذا.
ثانياً: أن عدة الشهور والسنوات عند الله بالأهلة، قال تعالى: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب) يونس/5، وقال تعالى: (يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) البقرة/189 " انتهى.
" تفسير سورة الكهف ".
والحساب بالقمر والأهلة هو المعروف عند الأنبياء وأقوامهم، ولم يُعرف الحساب بالشمس إلا عند جهلة أتباع الديانات، وللأسف وافقهم كثير من المسلمين اليوم.
قال الدكتور خالد السبت – في معرض رده على من استدل بآية (لا يزال بنيانهم .. ) في سورة التوبة على تفجيرات أمريكا -:
" الخامس: أن مبنى هذه الارتباطات على الحساب الشمسي، وهو حساب متوارث عن أُمم وثنية، ولم يكن معتبراً لدى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وإنما الحساب المعتبر في الشرع هو الحساب بالقمر والأهلة، وهو الأدق والأضبط، ومما يدل على أن المعروف في شرائع الأنبياء هو الحساب بالقمر والأهلة حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، وَالْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الْفُرْقَانُ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ) أخرجه أحمد (4/ 107)، والبيهقي في " السنن " (9/ 188)، وسنده حسن، وذكره الألباني في " الصحيحة " (1575). وهذا لا يعرف إلا إذا كان الحساب بالقمر والأهلة، ويدل عليه أيضا الحديث المخرج في الصحيحين عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ
¥