عَاشُورَاءَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى ... الحديث , أخرجه البخاري (2004) ومسلم (1130)، وقد صرَّح الحافظ رحمه الله أنهم كانوا لا يعتبرون الحساب بالشمس - انظر: " الفتح " (4/ 291)، وانظر (7/ 323) -.
وقال ابن القيم رحمه الله - تعليقا على قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ) يونس/5، وقوله تعالى: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) يس/38، 39:
" ولذلك كان الحساب القمري أشهر وأعرف عند الأمم وأبعد من الغلط، وأصح للضبط من الحساب الشمسي، ويشترك فيه الناس دون الحساب، ولهذا قال تعالى: (وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) يونس/5 ولم يقل ذلك في الشمس، ولهذا كانت أشهر الحج والصوم والأعياد ومواسم الإسلام إنما هي على حساب القمر وسيره حكمة من الله ورحمة وحفظا لدينه لاشتراك الناس في هذا الحساب، وتعذر الغلط والخطأ فيه، فلا يدخل في الدين من الاختلاف والتخليط ما دخل في دين أهل الكتاب " انتهى من "مفتاح دار السعادة " ص 538، 539.
وربما يُفهم من العبارة الأخيرة لابن القيم رحمه الله أن أهل الكتاب كانوا يعتمدون الحساب بالشمس، وهذا قد صرح الحافظ ابن حجر رحمه الله بردِّه بعد أن نسبه لابن القيم - انظر: " الفتح " (7/ 323) –.
والواقع أنه لم يكن معتبراً في شرعهم وإنما وقع لهم بعد ذلك لدى جهلتهم " انتهى.
وفي فوائد قوله تعالى: (يسئلونك عن الأهلة ... ) قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" ومنها: أن ميقات الأمم كلها الميقات الذي وضعه الله لهم - وهو الأهلة - فهو الميقات العالمي؛ لقوله تعالى: (مواقيت للناس)؛ وأما ما حدث أخيراً من التوقيت بالأشهر الإفرنجية: فلا أصل له من محسوس، ولا معقول، ولا مشروع؛ ولهذا تجد بعض الشهور ثمانية وعشرين يوماً، وبعضها ثلاثين يوماً، وبعضها واحداً وثلاثين يوماً، من غير أن يكون سبب معلوم أوجب هذا الفرق؛ ثم إنه ليس لهذه الأشهر علامة حسيَّة يرجع الناس إليها في تحديد أوقاتهم، بخلاف الأشهر الهلاليَّة فإن لها علامة حسيَّة يعرفها كل أحدٍ " انتهى.
" تفسير البقرة " (2/ 371).
وقال القرطبي رحمه الله تعليقاً على قوله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ) التوبة/36:
" هذه الآية تدل على أن الواجب تعليق الأحكام في العبادات وغيرها إنما يكون بالشهور والسنين التي تعرفها العرب دون الشهور التي تعتبرها العجم والروم والقبط وإن لم تزد على اثني عشر شهراً؛ لأنها مختلفة الأعداد، منها ما يزيد على ثلاثين، ومنها ما ينقص، وشهور العرب لا تزيد على ثلاثين وإن كان منها ما ينقص، والذي ينقص ليس يتعين له شهر وإنما تفاوتها في النقصان والتمام على حسب اختلاف سير القمر في البروج " انتهى.
" تفسير القرطبي " (8/ 133).
والله أعلم
المصدر: الإسلام سؤال وجواب
ـ[سنان الأيوبي]ــــــــ[18 Jul 2010, 01:18 م]ـ
ملاحظات على الإجابة:
الأولى: الذين قالوا إن كلمة يوم وردت في القرآن الكريم 365 مرة استندوا إلى رسم المصحف فأحصوا (يوم، ويوما) ولم يحصوا يومئذ ويومكم ... وكذلك لم يحصوا الجمع والمثنى، فهم يقولون:" كلمة يوم مفردة وفق رسم المصحف وردت 365 مرة وهذا صحيح. ومعلوم أن الوصل والفصل في رسم المصحف هو باب جليل.
الثانية: لا يعرف لمسألة 11 سبتمبر من صاحب، ومن هنا ليس عجيباً أن تكون ملفقة ومتهافتة. ومن هنا لا داعي لخلط معلوم النسب بمجهول النسب، والجاد من البحوث بالملفق. وصاحب كتاب زوال إسرائيل 2022م لم يقل بزوالها وإنما قدم ملاحظات وجعل العهدة على القارئ. بل نص في كتابه:" لا أقول إنها نبوءة ولا أقول إنها ستحصل". ويلاحظ أن هناك من يصدر الأحكام قبل تصور المسائل.
الثالثة: (الشمس والقمر بحسبان): وعليه فهناك سنة شمسية وأخرى قمرية. وكون الشعائر التعبدية مرتبطة بالقمرية لا ينفي وجود السنة الشمسية ولا يمنع من حرية البشر في الضبط والتوقيت. ورفض التوقيت الشمسي في الأمور الدنيوية نوع من المغالاة التي لا تستند إلى دليل شرعي. ولا أدري لماذا يغفل الرسول (حاشاه) صلى الله عليه وسلم عن أمر فطن له عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأرخ للمسلمين بالهجرة.
الرابعة: عدة الشهور في الشمسية والقمرية هو 12 شهراً، وهذا لا خلاف فيه. وإذا كانت الأشهر والسنوات القمرية أدق فإن السنوات الشمسية أضبط. واختلاف الناس في نهاية كل شهر قمري مشهور ومستفيض.
¥