ثانياً: لا يسلم للراغب توجيهه؛ إذ يرد عليه أن من أهل اللغة من يرى بخلاف ما ذكر، كما قال الجوهري ([7] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=111244#_ftn7)): ( جمع البَرّ: أبرار، وجمع البارّ: البَرَرَة) ([8] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=111244#_ftn8)) وقال ابن الأثير ([9] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=111244#_ftn9)): ( يقال: بَرَّ يَبَرُّ فهو بارّ، وجمعه: بَرَرَة، وجمع البَرّ: أبرار) ([10] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=111244#_ftn10)).
وهو يوافق ما ذكره الفراء ([11] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=111244#_ftn11)) من أن العرب لا يجمعون على وزن ”فَعَلَة“ إلا والمفرد منه ”فاعل“، قال: (”البررة“: الواحد منهم في قياس العربية ”بارّ“ لأن العرب لا تقول ”فَعَلَة“ ينوون به الجمع إلا والواحد منه فاعل، مثل: كافر وكفرة، وفاجر وفجرة) إلا أنه قال: (فهذا الحكم على واحده ”بارّ“؛ والذي تقول العرب: رجل بَرّ، وامرأة بَرّة، ثم جمع على تأويل ”فاعل“ كما قالوا: قوم خَيَرَة بَرَرَة، سمعتها من بعض العرب، وواحد الخَيَرَة: خيِّر، وواحد البَرَرَة: بَرّ) ([12] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=111244#_ftn12)).
والذي يظهر –والله أعلم- أن المفردين ”بَرّ، وبارّ“ يجمع كل واحد منهما على ”أبرار، وبررة“ كما قال في العين: (و”البَرّ“: البارّ بذوي قرابته، وقوم ”بَرَرَة“ و”أَبرَار“) ([13] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=111244#_ftn13)) وقال الأزهري ([14] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=111244#_ftn14)): ( رَجلٌ ”بَرٌّ“ بذي قرابته، و”بارٌّ“: من قوم ”بَرَرَة“ و”أَبرَار“) ([15] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=111244#_ftn15)) وذكر ذلك الفيروزأبادي ([16] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=111244#_ftn16)).
ثالثاً: لو صح ما ذكره الراغب لكان ”بارّ“ أبلغ من ”بَرّ“ لزيادة بنيته، كما ذكر الآلوسي ([17] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=111244#_ftn17)).
رابعاً: ذكر الآلوسي توجيهين آخرين للفرق بين الجمعين:
أحدهما: أن ”الأبرار“ من صيغ القلة دون ”البررة“ ومتقو الملائكة أكثر من متقي الآدميين فناسب استعمال صيغة القلة، وإن لم ترد حقيقتها في الآدميين دونهم.
الثاني: أن صفات الكمال في بني آدم لما تكون كاملة وناقصة وصفوا بالأبرار إشارة إلى مدحهم بأكمل الأوصاف، وأما الملائكة فصفات الكمال فيهم لا تكون ناقصة فوصفوا بالبررة؛ لأنه يدل على أصل الوصف، بقطع النظر عن المبالغة فيه، لعدم احتياجهم لذلك، وإشارة لفضيلة البشر لما في كونهم أبراراً من المجاهدة وعصيان داعي الجبلة. قال الآلوسي معقباً: (وفيه ما لا يخفى) ([18] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=111244#_ftn18)).
خامساً: لم يظهر لي توجيه تطمئن النفس إليه في الفرق بين الجمعين؛ إلا أن يكون الفرق مراعاةً للفظ والفاصلة، فجمع الملائكة ”بررة“ مناسب للجمع (سَفَرَة) وزناً وفاصلة، ولم يرد إلا في موضع واحد في سورة عبس، كما أنه ورد في حديث لم أجد غيره، أخرجه الشيخان وغيرهما عن عائشة –رضي الله عنها- عن النبي r قال: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران» ([19] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=111244#_ftn19)).
أما جمع ”الأبرار“ فجاء مراعاة للفاصلة في سورة آل عمران، ومقابلة للجمع (الفُجَّار) في سورتي المطففين والانفطار.
لكن يشكل على هذا التوجيه جمع ”الأبرار“ في سورة الإنسان حيث لم يرد فاصلةً ولا مقابلةً للفجار، واستعماله –أيضاً- في السنة النبوية للآدميين دون الملائكة.
ويتبين مما سبق أن لغة القرآن والسنة في جمع الملائكة ”بَرَرَة“ وفي جمع الآدميين ”أَبْرَار“، والله أعلم.
[/ URL]([1]) الانفطار: 13.
¥