قال الذهبي: هذه عبارة رديئة، وكلام نحس، بل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم حق قطعي، إن صح خبر الطير، وإن لم يصح، وما وجه الارتباط؟ هذا أنس قد خدم النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحتلم، وقبل جريان القلم، فيجوز أن تكون قصة الطائر في تلك المدة.
فرضنا أنه كان محتلما، ما هو بمعصوم من الخيانة، بل فعل هذه الجناية الخفيفة متأولا، ثم إنه حبس عليا عن الدخول كما قيل، فكان ماذا؟ والدعوة النبوية قد نفذت واستجيبت، فلو حبسه، أو رده مرات، ما بقي يتصور أن يدخل ويأكل مع المصطفى سواه
وقال الذهبي: وحديث الطير - على ضعفه - فله طرق جمة، وقد أفردتها في جزء، ولم يثبت، ولا أنا بالمعتقد بطلانه، وقد أخطأ ابن أبي داود في عبارته وقوله، وله على خطئه أجر واحد، وليس من شرط الثقة أن لا يخطئ ولا يغلط ولا يسهو.
والرجل فمن كبار علماء الإسلام، ومن أوثق الحفاظ - رحمه الله تعالى -.
قلت: إن ربنا سبحانه وتعالى قد حكى عن زوجتي نبيين كريمين خيانة فقال في كتابه الكريم: (فخانتاهما) فهل يؤثر هذا في نبوة نوح ولوط عليهما السلام، كلا وحاشا.
وسبب ثالث، رمي من أجله بالنصب، فقد ذكر أبو نعيم حكاية محنته وأنه روى شيئا أخطأ بنقله من قول النواصب لا بارك الله فيهم – تركت ذكره عمدا-.
قال احمد بن يوسف الأزرق: سمعت أبا بكر بن أبي داود غير مرة يقول: كل من بيني وبينه شيء فهو في حل الا من رمانى ببغض على رضي الله عنه
- ويستوقفني في ترجمته: تضعيف أبيه له
ولذلك أورده ابن عدي في الكامل، وقال:: لولا انا شرطنا ان كل من تكلم فيه ذكرناه لما ذكرت بن أبي داود وقد تكلم فيه أبوه وإبراهيم بن أورمة ونسب في الابتداء الى شيء من النصب ونفاه بن الفرات من بغداد الى واسط ثم رده علي بن عيسى فحدث وأظهر فضائل علي ثم تحنبل فصار شيخا فيهم وهو مقبول عند أصحاب الحديث واما كلام أبيه فيه فلا أدري أيش تبين له منه.
وسمعت عبدان يقول: سمعت أبا داود يقول: ومن البلاء ان عبد الله يطلب القضاء.
وسمعت علي بن عبد الله الداهري سمعت محمد بن احمد بن عمرو سمعت علي بن الحسين بن الجنيد سمعت أبا داود يقول: ابنى عبد الله كذاب.
ثم قال ابن عدى: وكان ابن صاعد يقول: كفانا أبوه بما قال فيه.
وقال محمد بن عبد الله القطان كنت عند ابن جرير فقال رجل: ابن أبي داود يقرأ على الناس فضائل علي! فقال: تكبيره من حارس أهـ
يعني أن الحارس إذا غفا ونام وخشي شيئا، يكبر بصوت عال ليوهم منكان هناك أنه يقظ، يعني أنه يتصنع ذلك ...
قال الذهبي:
لا ينبغي سماع قول ابن صاعد فيه كما لم نعتد بتكذيبه لابن صاعد وكذا لا يسمع قول ابن جرير فيه فان هؤلاء بينهم عداوة بينة فقف في كلام الأقران بعضهم في بعض.
وأما قول أبيه فيه فالظاهر انه ان صح عنه فقد عنى انه كذاب في كلامه لا في الحديث النبوي، وكأنه قال هذا وعبد الله شاب طرى ثم كبر وساد.
وقال في السير: لعل قول أبيه فيه - إن صح - أراد الكذب في لهجته، لا في الحديث، فإنه حجة فيما ينقله، أو كان يكذب ويوري في كلامه، ومن زعم أنه لا يكذب أبدا، فهو أرعن، نسأل الله السلامة من عثرة الشباب، ثم إنه شاخ وارعوى، ولزم الصدق والتقى.
قال محمد بن عبيد الله بن الشخير: كان ابن أبي داود زاهدا ناسكا صلى عليه يوم مات نحو من ثلاث مائة ألف انسان أو أكثر .. رحمه الله تعالى ..
ـ[أحمد بن فارس السلوم]ــــــــ[21 Jul 2010, 12:32 ص]ـ
لابن أبي داود كتب قيمة في علوم القرآن:
فقد ذكر له ابن النديم من الكتب:
1 - كتاب التفسير، وقال: عمله لما عمل أبو جعفر الطبري كتابه أهـ.
وقال الذهبي في السير: وروى الإمام أبو بكر النقاش المفسر - وليس بمعتمد - أنه سمع أبا بكر ابن أبي داود يقول: إن في تفسيره مائة ألف وعشرين ألف حديث أهـ.
قلت: ولم يذكره من صنف في طبقات المفسرين، فهو ممن يستدرك عليهم.
2 - كتاب ناسخ القرآن ومنسوخه.
3 - كتاب نظم القرآن.
4 - كتاب شريعة التفسير.
5 - كتاب شريعة المقاري.
ذكرها كلها ابن النديم وغيره.
6 - ومما زاده يوسف ابن عبدالهادي في معجم الكتب: كتاب القراءات أهـ.
ولا أدري إن كان هذا صحيحا، فقد ترجمه ابن الجزري في غاية النهاية فلم يذكر له إلا كتاب المصاحف، لم يذكر القراءات، ثم ذكر وهما في ترجمته.
¥