تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأرى أخي الكريم أنه لا فائدة من هذا النقاش، ويجب أن ينتهي على ما توصلت إليه مع الأخ حجازي الهوى. وهذه مجرد وجهة نظر رغبة في استثمار الوقت.

والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.

ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[13 Jan 2010, 12:29 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخوة الكرام، السلام عليكم

فيما يلى أقدم ما رأيته حلا للاشكال الذى طال الجدل فيه:

بالنظر الى المسألة موضع النقاش نظرة شمولية تراعى تاريخ العلم على مر العصور وعلاقة الانسان بالكون وطبيعة ادراكه له وطبيعة الخطاب القرآنى المعجز فانه يمكن لنا من مجموع هذا كله حل هذا الاشكال حول الأرض والشمس فى القرآن الكريم وأيهما هو الذى يدور حول الآخر

اذ يجب أن نضع فى اعتبارنا جيدا أن القرآن والسنة الصحيحة لا يمكن أن يأتيا بما يناقض شهادة الحس السليم أو ما يسميه الحكماء (الرأى الباده المشترك) أو الادراك الفطرى الذى يشترك فيه الناس جميعا ويطلقون عليه فى الانجليزية common sens

ولقد كان هذا الرأى الباده المشترك فى العصور القديمة يرى أن الأرض ثابتة، فجاء القرآن بما يمكن أن يساير هذا الرأى الذى ساد قرونا كثيرة، جاء القرآن الكريم بألفاظ تحتمل أن يفهم منها أن الأرض مستقرة وثابتة (وأقول: تحتمل، فانه لم يقطع بثباتها بلفظ صريح)، وهذا هو ما أوقع بعض الأخوة الفضلاء فى اللبس حين ظنوا أن هذا هو الرأى الوحيد الذى له الكلمة الأخيرة

ولكن قد غاب عنهم أمران فى غاية الأهمية:

الأمر الأول: أن وصف القرآن الكريم للأرض بأنها (قرار) أو بأنها (فراش) أو بأنها (مهاد) انما جاء فى معرض تعداد النعم أو الامتنان على البشر الذين يحيون عليها، ولم يأت ليصف حقيقة كونية موضوعية عن الأرض بمعزل عن أهلها، ومن هنا جاء الخطاب القرآنى بالوصف الذى يحدد علاقة البشر بالأرض، أى أنه جاء من منظور بشرى فى المقام الأول حيث البشر يشعرون بالفعل بأن الأرض بالنسبة لهم كالفراش والمهاد والقرار

ونفس الشىء ينطبق على وصف القرآن للشمس بأنها تطلع وتغرب وكأنها هى التى تدور حول الأرض، فهذا هو ما يبدو للناس بالفعل، والقرآن يخاطب الناس مراعيا ادراكهم الحسى المباشر ولا يهدف الى تصحيح معلوماتهم أواعطائهم دروسا فى الفيزياء الفلكية، لأنه لو فعل هذا وصرح بأن ادراكهم هذا ليس الا وهما حسيا لكان هذا صادما لهم ولادراكهم الفطرى المباشر، وهو الادراك الذى أطلق الحكماء عليه (الرأى الباده المشترك) أو common sens

أما الأمر الثانى فهو: أن نفس هذا الرأى الباده المشترك قد تغير فى العصر الحديث الى ما يوافق الحقائق العلمية التى استجدت والتى ثقرر منها بالتجارب القاطعة وبتقنيات الأقمار الصناعية وغيرها أن الأرض كرة تدور، لقد حل هذا الرأى العلمى الحديث محل الرأى الباده القديم ونسخه من كتب الأقدمين العلمية، وان لم ينسخه بالطبع من الحس والادراك المباشر الذى لا يقبل التغير، فلا زالت الشمس تبدو لنا أنها هى التى تدور من حولنا وأن الأرض تبدو ثابتة لا تتحرك حتى مع علمنا اليقين الآن من أن هذه الادراكات ليست الا وهما من جملة أوهام كثيرة فندها العلم الحديث

لقد أصبحنا الآن مستيقنين من أن الأرض تدور، ولأن القرآن يساير كل العصور والأجيال فقد أورد اشارات الى هذا الرأى الأخير القائل بدوران الأرض، ولعل من أقوى تلك الاشارات الآية الكريمة التى تقول: " وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب. . . "

فيتبين من هذا أن القرآن الكريم قد جاء بما يوافق المعطيات العلمية فى كل عصر، وأن تحقيق هذه المعادلة الصعبة (موافقة كل الأفهام فى كل العصور) لا يتسنى ولا يتحقق الا بأسلوب التلميح لا التصريح، ولا يمكن تحقيقه بغير ذلك، وهذا سر جليل يحتاج منا الى تأمل وتفكير، فالقرآن الكريم لا يفهم منه بشكل قاطع وصريح ومباشر بأن الأرض تدور، كما لا يفهم منه كذلك وبشكل قاطع ومباشر وصريح أنها ثابتة لا تتحرك، وانما قد حوى ما يمكن أن يحتمل كلا الفهمين، وما ذلك الا لأنه نزل ليلائم كل العصور ويخاطب كل الأجيال على اختلاف حظوظهم من العلم، وهذا من أسرار اعجازه الباهرة، بل ان هذا عندنا يعد أشد اعجازا مما لو أنه صرح بدوران الأرض بأسلوب مباشر ليوافق حقيقة لن يكتشفها البشر الا فى العصر الحديث فحسب ومتجاهلا العصور العديدة التى سبقته، ولهذا قلنا انه سر جليل بحاجة الى التأمل

هذا هو ببساطة شديدة حل هذا الاشكال الذى طال الجدال فيه، وما توفيقى الا بالله

وفى الختام ندعو الأخوة الفضلاء الى أن يتأملوا هذا الكلام بروح موضوعية متجردة من سطوة الادراك المباشر وسلطان الحس المادى، وقابلة لاستيعاب المستجدات العلمية التى توفرت الأدلة وتواترت على صحتها حتى وان خالفت ادراكهم الحسى المباشر، والله يوفقهم

ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير