ـ[أبو علي]ــــــــ[25 May 2004, 11:19 ص]ـ
الأخ أبو عاتكة
لا تصح المقارنة بين الغيب وبين الشهادة، فالجنة والنار وغير ذلك مما ذكرت هي أمور غيبية موعود بها وهي متعلقة بالإيمان بالغيب، وأساس الإيمان هو العلم، فالتصديق بالغيب يبنى على إدراك بالشهادة. فآيات الله وسائل هدى يدركها الناس بالمشاهدة بالبصر أو يدركونها بالبصائر فيتولد عنها يقين ينتج عنه إيمان.
وكيف يصدقك إنسان إذا أتيته بدليل يتناقض مع إدراكه!!
أليس الاقتناع هو ركيزة الإيمان؟ أليس بالعلم والإدراك يقتنع الإنسان؟
فالناس في زمن الرسالة وإلى عهد قريب كان إدراكهم المشهود هو أن الشمس هي التي تدور حول الأرض فتشرق وتغرب، فلو قلت لهم إن الأرض هي التي تدور هل هذا يوافق إدراكهم؟ ليس في وسعهم أن يدركوا دوران الأرض إلا بسلطان العلم ولم يكن الإنسان حينئذ قد بلغ من العلم ما بلغه إنسان اليوم.
مثلا: اإذا كنت أستاذا ولك ابن ففكرت أن تشتري له كل الكتب التي يحتاجها للتعليم من أول سنة ابتدائي إلى الثانوية العامة، ابنك هذا عمره 7 سنوات، هل في وسعه أن تبدأ بتعليمه نظرية إنشتاين في النسبية، ونظرية أرخميدس وقانون فيتاغورس؟ كلا، ليس في وسع إدراكه أن يحسن فهم ذلك وهو في هذا السن.
كذلك فإن القرآن بلاغ للناس كافة إلى أن تقوم الساعة، وما زال الناس يعلمهم الله ما لم يعلموا، وكلما أدركوا حقيقة علمية يجدون تأويل ذلك في الكتاب.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 Jul 2004, 09:48 م]ـ
تتمة:
هذا نص ما أورده القاسمي في محاسن التأويل عند تفسيره للآية:
(تنبيه:
ما ذكرناه في تفسير هذه الآية هو ما ذهب إليه كثير. قالوا: المراد بهذه الآية تسيير الجبال الذي يحصل يوم القيامة، حينما يبيد الله تعالى العوالم، كما قال ? وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً ? (النبأ:20) وكما قال ? وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ ? (المرسلات:10) وقال ? وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ? (القارعة:5).
وقال بعض علماء الفلك: لا يمكن أن يكون المراد بهذه الآية ما قالوه، لعدة وجوه:
الأول: أن قوله تعالى: ? وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً ? (النمل: من الآية88) لا يناسب مقام التهويل والتخويف إذا أريد بها ما يحصل يوم القيامة. وكذلك قوله ? صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ? (النمل: من الآية88) لا يناسب مقام الإهلاك والإبادة. على أن محل هذه الآية على المستقبل، مع أنها صريحة في إرادة الحال، شيء لا موجب له. وهو خلاف الظاهر منها.
الثاني: أن سير الجبال يوم القيامة، يحصل عند خراب العالم وإهلاك جميع الخلائق وهذا شيء لا يراه أحد من البشر كما قال ? وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ? (الزمر: من الآية68) أي من الملائكة. فما معنى قوله إذن: ? وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً ? (النمل: من الآية88)؟
الثالث: أن تسيير الجبال الذي يحصل يوم القيامة، إذا رآه أحد شعر به، لأنه مادام وضعها يتغير بالنسبة للإنسان، فيحسّ بحركتها. وهذا ينافي قوله تعالى: (تَحْسَبُهَا جَامِدَةً) أي ثابتة: أما في الدنيا فلا نشعر بحركتها، لأننا نتحرك معها ولا يتغير وضعنا بالنسبة لها. وهذا بخلاف ما يحصل يوم القيامة. فإن الجبال تنفصل عن الأرض وتنسف نسفاً. وهذا شيء يراه كل واقف عندها.
الرابع: ورود هذه الآية في سياق الكلام على يوم القيامة، لورود آية ? أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً ? (النمل: من الآية86) المذكورة قبلها في نفس السياق، والمراد بهما ذكر شيء من دلائل قدرة الله تعالى، المشاهدة آثارها في هذا العالم الآن من حركة الأرض وحدوث الليل والنهار، ليكون ذلك دليلاً على قدرته على البعث والنشور يوم القيامة فإن القادر على ضبط حركات هذه الأجرام العظيمة، لا يصعب عليه أن يعيد الإنسان، وأن يضبط حركاته وأعماله ويحصيها عليه. ولذلك ختم هذه الآية بقوله ? إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ? فذكر هذه الأشياء في هذا السياق، هو كذكر الدليل مع المدلول، أو الحجة مع الدعوى. وهي سنة القرآن الكريم. فإنك تجد الدلائل
¥