تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

منبثة بين دعاويه دائماً. حتى لا يحتاج الإنسان لدليل آخر خارج عنها. وذلك شيء مشاهد في القرآن من أوله إلى آخره. ا هـ كلامه.

وقال العلامة المرجانيّ في مقدمة كتابه (وفيّة الأسلاف، وتحيّة الأخلاف) في بحث علم الهيئة، ما مثاله:

ويدل على حركة الأرض قوله تعالى ? وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ? الآية. فإنه خطاب لجناب الرسول صلى الله عليه وسلم وإيذان الأمر له بالأصالة مع شتراك غيره في هذه الرؤية. وحسبان جمود الجبال وثباتها على مكانها مع كونها متحركة في الواقع بحركة الأرض، ودوام مرورها مرّ السحاب في سرعة السير والحركة. قال: وقوله (صُنْعَ اللَّهِ) من المصادر المؤكدة لنفسها. وهو مضمون الجملة السابقة. يعني أن هذا المرور هو صنع الله. كقوله تعالى (وَعَدَ اللَّهُ) (صبغة الله) ثم (الصنع) هو عمل الإنسان، بعد تدرّب فيه وتروّ وتحري إجادة. ولا يسمى كل عمل صناعة، ولا كل عامل صانعاً، حتى يتمكن فيه ويتدرب وينسب إليه. وقوله ? الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْء ? كالبرهان على اتقانه، والدليل على إحكام خلقته، وتسوية مروره على ما ينبغي. لأن إتقان كل شيء، يتناول إتقانه، فهو تثنية للمراد وتكرير له، كقوله تعالى ? وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ? (آل عمران: 97) قال: وقد اشتملت هذه الآية على وجوه من التأكيد، وأنحاء من المبالغة. فمن ذلك تعبيره (بالصنع) الذي هو الفعل الجميل المتقن المشتمل على الحكمة. وإضافته إليه تعالى، تعظيماً له وتحقيقاً لإتقانه وحسن أعماله. ثم توصيفه سبحانه بإتقان كل شيء، ومن جملته هذا المرور. ثم إيراده بالجملة الإسمية الدالة على دوام هذه الحالة واستمرارها مدى الدهور. ثم التقييد بالحال، لتدل على أنها لا تنفك عنها دائماً. فإن قوله تعالى ? وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ? حامل من المفعول به، وهو الجبال. ومعمول لفعله الذي هو رؤيتها على تلك الحال.

فهذه الآية صريحة في دلالتها على حركة الأرض ومرور الجبال معها في هذا النشأة. وليس يمكن حملها على أن ذلك يقع في النشأة الآخرة، أو عند قيام الساعة وفساد الأرض وخروجه عن متعاهد النظام. وأن حسبانها جامدة لعدم تبين حركة كبار الإجرام إذا كانت في سمت واحد. فإن ذلك لا يلائم المقصود من التهويل على ذلك التقدير. على أن ذلك نقض وإهدام، وليس من صنع وإحكام. قال: والعجب من حذاق العلماء المفسرين، عدم تعرضهم لهذا المعنى، مع ظهوره واشتمال الكتب الحكمية على قول بعض القدماء. مع أنه أولى وأحق من تنزيل محتملات كتاب الله على القصص الواهية الإسرائيلية، ما شحنوا بها كتبهم. وليس هذا بخارج عن قدرة الله تعالى، ولا بعيد عن حكمته، ولا القول به بمصادم للشريعة والعقيدة الحقة، بعد أن تعتقد أن كل شيء حادث بقدرة الله تعالى وإرادته وخلقه بالاختيار، كائناً من كان، وهو العليّ الكبير، وعلى ما يشاء قدير.

واعلم أن هذه الآية وما قبلها من قوله تعالى ? أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ ? الآية اعتراض في تضاعيف ما ساقه من الآيات الدالة على أحوال الحشر وأهوال

القيامة، كاعتراض توصية الإنسان بوالديه في تضاعيف قصة لقمان. ومثل ذلك ليس بعزيز في القرآن.

وفائدته هنا، التنبيه على سرعة تقضي الآجال ومضىّ الآماد. والتهويل من هجوم ساعة الموت وقرب ورود وقت المعاد. فغن انقضاء الأزمان، وتقضي الأوان، إنما هو بالحركة اليومية المارّة على هذه السرعة المنطبقة على أحوال الإنسان. وهذا المرور. وإن لم يكن مبصراً محسوساً، نكن ما ينبعث منه تبدل الأحوال، بما يطرأ من تعاقب الليل والنهار وغيره، بمنزلة المحسوس المبصر ? فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ? (الحشر: 2) فيكون هذا معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم، مخصوصة به، إذ لم يخبر به غيره من الأنبياء.

فليس بممكن حمل الآية على تسيير الجبال الواقع عند قيام الساعة ووفاء النشأة الآخرة. إذ ليس هو من (الصنع) في شيء. بل هو إفساد أحوال الكائنات، وإخلال نظام العالم، وإهلاك بني آدم. ا هـ. كلام المرجانيّ.) انتهى ما ذكره القاسمي.

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Feb 2005, 02:34 ص]ـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير