تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فسياق السورة فيه تسلية وتثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم وتنويه بما أوتيه من معجزة باهرة وهي القرآن، ولذلك قال في أولها (وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم) وقال في وسطها (إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون)، وقال في آخرها (وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فلنفسه .. ) ونجد أن الله تعالى عرض لنبيه تعالى قصص نبيين من أنبيائه وذكر ماأيدهم به من المعجزات الباهرة الدالة على قدرته على تغيير الأحوال عن طبيعتها، فموسى أويد بالعصا وانقلابه ثعباناَ، وإدخال يده في جيبه وخروجها بيضاء من غير سوء، وسليمان أويد بمعجزة تسخير الدواب له وفهم منطقها، والجن وأعمالها، وقدرة الله في الإتيان بعرش بلقيس ولهذا قال سليمان (هذا من فضل ربي)، وجميع هذه الآيات آيات باهرة فيها إظهار قدرة لله تعالى. فكان تأييد النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن حجة باهرة لقومه، وأوتي حجة أخرى دالة على قدرة الله تعالى وهي معجزة الآيات العظيمة في الكون ولهذا قال تعالى (ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه .... ) (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ... ) وقال في آخر السورة (وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها))، وما أعظم مناسبة ذكر هذه الآيات العجيبه في مقابل ذكر الآيات التي أوتيها سليمان. ولو تأملنا في جميع الآيات للأنبياء فإننا نجد أنها تركز على جانب قدرة الله في تغير الأحوال عن طبيعتها الظاهرة للبشر كما ذكرت، وكل ذلك من تأييد الله للأنبياء وتثبيتهم في دعوتهم، ولعل جعل الجبال وتحركها آية لمحمد صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى مخاطباَ رسوله ابتداءَ (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب) وإن كانت الآية عامة لمن بعده للإتيان بفعل المضارعة (ترى)؛ دال على كمال معجزة القرآن في تضمنه معجزات علمية باهرة سيريها الله الناس من بعد محمد ولهذا قال في آخر السورة (سيريكم آياته فتعرفونها)

وإذا نظرنا إلى سياق القصة أو المقطع الذي وردت فيه الآية فإننا نجد الآيات تتحدث عن مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم وتأييده بالآيات في مقابل تكذيب المشركين وعنادهم من قوله (قل الحمد لله وسلم على عباده ... آلله خير أما يشركون) إلى آخر السورة بعد ذكر قصص الأنبياء تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال في آخرها (فتوكل على الله إنك على الحق المبين) ثم هددهم بوقوع العذاب يوم القيامة، ثم رجع لى خطابهم مظهراَ َ قدرته تعالى ببعثهم الذي كذبوه من قبل في قولهم (أءذا كنا تراباَ وآباؤنا أئنا لمخرجون) ولهذا قال (حتى إذا جاؤوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علماَ)، ثم ذكرهم بقدرته ممتناَ عليهم بآياته الكونية من أمور الدنيا بقوله (ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه) ثم قال بعد آية النفخ مخاطبة نبيه صلى الله عليه وسلم ابتداءَ بقوله (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ... ) وتخللت الآيتين آيةُ النفخ وهي قوله ((ويوم ينفخ في الصور .. ) لتدل على معنى مقصود - والله أعلم - في الآية بعدها وهي آية الجبال، والمعنى هو أنه تعالى إذا كان قادراَ على هذا الصنع العجيب فهو قادر على بعثهم، ومن هنا نستطيع القول - والله أعلم - أن الآية دالة على تغير أحوال الجبال في أهوال القيامة، ولهذا قال بعدها (من جاء بالحسنة فله خير منها، وهم من فرع يومئذ آمنون .. )، ثم تحول الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم بقوله (إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة .. ) في ختام للسورة متضمن موعظة المشركين ولهذا نص على قوله (هذه البلدة التي حرمها) .. والله أعلم

ومن هنا نخلص إلى أن الآية واردة في سياق قصة تأييد النبي صلى الله وسلم ومحاجة المشركين المكذبين، وهي في أحوال الجبال وقدرة الله تعالى وكمال صنعه،والمقصود هو إظهار قدرته عليهم وقدرته على البعث والجزاء بعده ولهذا ختم الآية بقوله (إنه خبير بما تفعلون) ولم يقل فعلتم.

وأما سياق الآية فألفاظها تدل على أن المقصود - والله أعلم - إظهار كمال صنع الخالق للجبال في الدنيا ولهذا عبّر بقوله (وترى) بفعل المضارع وخطاب النبي وهو صلى الله عليه وسلم ابتداءَ، وهو لن ير تغير الجبال في الآخرة، (تحسبها) والناس في الآخرة لايحسبون الجبال بل يرونها عياناَ تسير عن مكانها، (تمر) والمرور يدل على تكرار بخلاف السير وهذا يدل على دوران الأرض. (صنع الله الذي أتقن) وهذا أظهر في حال الدنيا. وختم الآية كما ذكرت موافق لذلك.

وعليه فيمكن القول بأن الآية تدل على القولين المذكورين، الثاني نصاَ والأول تعريضاَ وإشارة.

والله أعلم.

ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[06 Apr 2009, 03:53 م]ـ

نعم. ولذلك تساءلت: "هل يوجد مانع من تعدد المعنى في مثل هذه الآيات؟ "، خصوصا إذا تعذر الترجيح بشكل جازم؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير