تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فمعلوم عند كل من له حظ في فهم الأدلة العقلية على وجود الله تعالى أن من أركان هذا الدليل أن كل ما لا يخلو من الصفات الحادثة ـ بحيث يلازمها ولا يعقل منفكا عنها ـ لا يعقل موجودا بدونها أو قبلها، ولما كانت هي حادثة يكون هو بالضرورة حادثا، وكل حادث مفتقر ضرورة إلى محدِث واحد غيره وهو الله تعالى.

وهذا ما أراد الإمام الطبري بيانه وأقام البرهان عليه، فنص على أن (ما لم يخل من الحدَث لا شك أنه حادِث) أي: محدَث.

وهذا البرهان العقلي معروف، وقد توصل إليه الإمام الطبري بعد النظر في الايات القرآنية والآيات الكونية والنفسية، وبنى عليه أصول الدين، بل اعتبره دالا على معرفة الله تعالى قبل بلوغ رسالة الأنبياء، واعتبر الجهل به جهلا بالله، محاسب صاحبه عليه.

فكيف يسوغ للطالب القول بعد هذا بأن الطبري لا يُعنَى عند هذه النقطة بالتدليل على أن ما لم يخل من الحوادث أو يسبقها فإنه محدَث؟ مع أن الإمام الطبري ينص نصا صريحا واضحا أن ما لم يخل من الحدث محدَثٌ؟ فهذا قلب تام لنتيجة الإمام الطبري التي صرّح بها.

بل كيف يتجرأ الطالب ويقول بعد هذا: (وإنما غاية ما نجده ثَمَّ أن يقرر أنه محال أن يكون شيء يُحدِث شيئا إلا ومحدِثُه قَبلَه)

فكيف فهم هذا الكلام المتناقض من ألفاظ الإمام الطبري؟

بل إذا طبقنا كلامه لزم القول بأن الله تعالى له محدِثٌ قبله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا؛ فإن الطالب قرر استحالة أن يكون شيءٌ يحدِث شيئا إلا ومحدِثهُ قبلَه. فعلى هذا يكون قبل الله تعالى محدِثٌ لأنه داخل حسب ألفاظ الطالب في هذه الكلية وهي أن كل من يحدِثُ شيئا فمحدِثُه قبله، ومعلوم أن الله محدِثٌ للأشياء، فيكون قبله محدِثٌ حسب كلام الطالب، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

وهذا ليس بمقصد الإمام الطبري والعياذ بالله، ولا دل عليه كلامه بأي نوع من أنواع الدلالات، بل ليس في كلام الإمام الطبري إلا البرهان على افتقار كل ما لازم الحوادث إلى محدِث واحد وهو الله تعالى الغني على الإطلاق، الذي يستحيل أن يتصف بالصفات الحادثة كما هو الحال بالنسبة إلى مخلوقاته.

فكيف يمر هذا الكلام؟ وما السبب في ذلك؟ وأين الإشراف والمراقبة للمسائلة؟

الجواب واضح: وهو التواطئ على تحريف وتغيير آراء العلماء، لا سيما الإمام الطبري.

إذ لما كان مذهب الطالب والمشرف والمراقب أن ما لا يخلو من الحوادث لا يكون دائما حادثا؛ لأن الله تعالى عندهم يتصف بالصفات الحادثة، ولم يسعهم أن يلتزموا بأنه حادث، اضطروا إلى تغيير فكرة الإمام الطبري وتحويرها عن مسارها الاستدلالي.

وهذا ما أشرت إليه من سيطرة النزعة المذهبية والتعصب الفكري عند الطلبة والمشرفين والمناقشين، إذ لا همّ لهم إلا الترويج لمذهبهم ولو كان على حسب الموضوعية العلمية، وعلى حسب آراء العلماء الواضحة.

وعلى العموم، هذه الآفة قد انتشرت في كثير من الرسائل الجامعية، وتوزعت التقديرات الامتيازية على كل تحريف أو تبديل أو تعتيم، وهذا عامل من عوامل تأخر المسلمين بلا شك، وعامل من عوامل ضعف المستويات في العلوم الشرعية، ودليل على تفشي التعصب المذموم، فهل من صرخة إنذار توقف هذا المسار الفاسد؟.

ـ[أحمد الحمادي]ــــــــ[10 May 2010, 06:31 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله بجميع الإخوة الأعزاء

والسؤال لأخي الكريم أبي عبيدة الهاني حفظه الله:

هل اكتملت رسالتكم الكريمة وتم طرحها في هذا المنتدى المبارك أم أنها لا زالت طور التأليف؟

وجزاكم الله عنّا خير الجزاء وبارك بكم.

ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[20 Oct 2010, 04:55 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد:

فقد اطلعت على تهجم الأخ أبي عبيدة الهاني ــ هداه الله وعفا عنه ــ على أخي الشيخ طه رمضان في رسالته المشار إليها ووصمه إياها بالضعف وتعديه على الباحث وعلى الأساتذة المشرفين بما لا يليق بحقهم ومكانتهم العلمية، فراسلت الشيخ طه وطلبت منه الاطلاع على ما كتبه وإبداء رأيه حول ما أثاره الباحث من شبهات حول عقيدة الإمام الطبري في هذا الموضع، وفي مواضع أخر باسم نزار حمادي، فاطلع على كتاباته ثم أرسل إلي هذا الرد والذي عنونه بقوله (دفاعا عن الطبري .. لا عني) لأضعه بنصه بين أيديكم، سائلا الله أن يكتب لنا جميعا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير