تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

في نقلكم الكريم لقول أبي حيان رحمه الله:" يَحْمِلُ " في موضع نصب على الحال، قال الزمخشري: أو الجر على الوصف لأن الحمار كاللئيم في قوله:

و لقد أمر على اللئيم يسبني

انتهى. و هذا الذي قاله قد ذهب إليه بعض النحويين و هو أن مثل هذا من المعارف يوصف بالجمل و حملوا عليه: (وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ) [يس:37]. و هذا و أمثاله عند المحققين في موضع الحال لا في موضع الصفة و وصفه بالمعرفة ذي اللام دليل على تعريفه. مع ما في ذلك المذهب من هدم ما كره المتقدمون من أن المعرفة لا تنعت إلا بالمعرفة و الجمل نكرات) [البحر المحيط: 8/ 266 - 267، و انظر الكشاف: 4/ 103، و إملاء ما من به الرحمن: 557].

هذا الكلام كلام جميل، وفي بسطه لأمثالي منفعة، والذي فهمته من هذا أن أبا حيان يتكلم عن إعراب الجملة الفعلية (يحمل أسفاراً). وهي هنا من الجمل السبع التي لها محل من الإعراب، لأنها حالية على رأي أبي حيان. لكن رأي الزمخشري له وجاهته. وهو أن تعرب صفةً كذلك.

وهذا يذكرنا بالمقولة التي يقولها النحويون وهو أن الجمل بعد المعارف أحوال، وبعد النكرات صفات. ويعللون ذلك بأن المعرفة في حاجة إلى معرفة حالها أكثر من الحاجة إلى معرفة صفتها لكونها معرفة، بخلاف النكرة، فالحاجة إلى معرفة صفتها أشد. وقد فصل القول في ذلك ابن هشام رحمه الله فبين أن الضابط السابق غير دقيق، وأن الأفضل أن يقال:

الجمل بعد المعارف المحضة أحوال، وبعد النكرات المحضة صفات.

وهنا في المثال الذي ذكرته وفقك الله، وهو قوله تعالى: (كمثل الحمار يحمل أسفاراً). يمكن إعراب جملة (يحمل أسفاراً):

- حالاً، لأن لفظة (الحمار) معرفة بـ (ال) من حيث اللفظ، فتكون الجملة بعدها حالاً.

- صفة؛ لأن لفظة (الحمار) وإن كانت معرفة بـ (ال) إلا أنها تدل على جنس الحمار، فهي أشبه ما تكون بالنكرة. ومثلها (الليل) في قوله: (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار .. ). ومثلها لفظة (اللئيم) في الشاهد الشعري الذي ذكره الزمخشري:

ولقد أمرُّ على اللئيم يسبني * فمضيت ثمتَ قلت: لا يعنيني

فلفظة (اللئيم) هنا من حيث اللفظ معرفة لوجود (ال)، ومن حيث المعنى تدل على جنس اللئيم لا على شخص بعينه فهي أشبه ما تكون بالنكرة.فألفاظ (الحمار) و (الليل) و (اللئيم) ليست معارف محضة على تفصيل ابن هشام، وبهذا يستقيم كلام الزمخشري في تجويزه إعرابها صفةً.

أرجو أن أرى مناقشتك للأقوال في معنى (الأميين).

في قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) كثير من الوقفات التربوية التعليمية، وطريقة النبي صلى الله عليه وسلم في التربية والتزكية والتعليم، ليت وقتكم يتسع لبسطها وفقكم الله ونفع بعلمكم.

ـ[أبو علي]ــــــــ[16 Jul 2004, 10:55 ص]ـ

الحمد لله رب العالمين.

جاءت سورة الجمعة بعد سورة الصف ترتيبا في المصحف، وهي سورة افتتحت بالتسبيح (يسبح)، والتسبيح تنزيه لله عما لا يليق بجلاله، فما الذي جاء في سورة الصف يستوجب أن يتبعه الله بالتسبيح بعد ختام السورة؟

قبل الدخول في الحديث عما جاء في سورة الصف علينا أن نستحضر قاعدة أساسية وهي أن التكليف جاء ضد هوى النفس، فالشهوات تهواها النفس، وتكاليف الدين أتت لتنهى النفس عن الهوى، وفي ذلك مشقة نفسية تتطلب الصبر، إذن فتكاليف الدين مبنية على الصبر.

فالصبر هو لب قضية الدين وعنوان الإحسان (واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) ومقياس الشكر، فالصابر هو الأحق بأن يوصف بالشاكر (صبار شكور) ,

مثلا: يدخل الوالد على ابنه فيجده قد ترك مذاكرة دروسه وألهاه مسلسل تلفزيوني عن الواجب، فيطفئ الوالد جهاز التلفزيون ويصرخ في ابنه: أدخل غرفتك وراجع دروسك جيدا لكي تنجح ...

فيفعل الإبن ما أمره به أبوه، وقد يعلم هو من نفسه أو تذكره أمه أن:

أباك على حق وأنه (منزه) عن يكون له هوى ضد مصلحتك بدليل أنه هو الذي ينفق على تعليمك ويحضر لك مدرسين إلى البيت لأخذ دروس خصوصية ..... ) فحين يتذكر الإبن هذا يطمإن إلى أن أباه (منزه) عن أن يكون له هوى ضد مصلحة ابنه.

كذلك الله العزيز الحكيم يأمر المؤمنين في سورة الصف: يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم؟، تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ..... إلى آخر السورة.

هذا أمر من الله للمؤمنين بالجهاد في سبيل الله بالمال والنفس يتطلب الصبر، والصابر يحتاج إلى تطمين بأن ذلك من مصلحته (خير له)،

والتطمين يكون بالتذكير بأن الآمر (منزه) عن أن يخلف وعده و (منزه) عن الهوى و (منزه) عن أن تأتي النتائج على عكس ما يريد لأنه (يملك) زمام الأمور كلها.

فكان من الحكمة أن يطمإن الله المؤمنين بالتنزيه (التسبيح) ليتشبتوا بالصبر فيفعلوا ما يؤمرون به: ((يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) ,

وكما اطمأن الإبن لنصيحة أبيه حينما راجع نفسه فاستيقن أن أباه لا يريد له إلا الخير بدليل أن أباه (هو) الذي ينفق على تعليمه و (هو) الذي يحضر له مدرسين ليعطوه دروسا خاصة كذلك الله تعالى لا يريد بالمؤمنين إلا الخير بدليل أنه (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ • وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ • ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير