ـ[أبو علي]ــــــــ[17 Jul 2004, 09:51 ص]ـ
الصفة التي يناسبها التنزيه هي الحكمة، فمن يحكم الأمور بإتقان على أتم وجه هو الذي يكون منزها عن النقد، أما الذي تنقصه الحكمة فهو معرض لنقد النقاد، إذن فما يصدر من الحكيم فهو منتهى الصواب وهو الحق المطلق ولذلك يأتي التسبيح في القرآن لإسم الله (العزيز الحكيم).
فالعزيز هو الغالب الذي لا يغلب، ولا تتحقق الغلبة بالحجة أو بالقوة إلا لمن أتقن الأمور بمنتهى الحكمة، ولذلك يقترن إسم الله (العزيز) ب (الحكيم)، فالعزة بنت الحكمة = لا غلبة (عزة) إلا بالحكمة، فالنصر للعزيز الحكيم,
إذا كان التسبيح في سور أخرى لله (العزيز الحكيم) فإن التسبيح في سورة الجمعة لله (الملك القدوس العزيز الحكيم) ف (الملك القدوس) تتناسب مع سياق الآيات في سورة الصف وبالأخص: ( ..... وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ... ) فالأموال (ملك الله) نتصرف فيها وكذلك الأنفس وزمامها وكل الأمور (يملكها) الله. ومن يملك الأمر كله فهو قدوس.
ـ[أبو علي]ــــــــ[25 Jul 2004, 11:15 ص]ـ
(يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم، تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم)
قد يتسائل أحد: لماذا يقول الله في الآية: تؤمنون بالله) مع أن الله أثبت لهم الإيمان بخطابه لهم ب (يا أيها الذين آمنوا)؟
الجواب: قد يؤمن المؤمن بالله ورسوله، وقد يضعف أمام أوامر الإسلام كالجهاد بالمال والنفس لأن النفس تستحضر الشح وتجد في القتال كره ومشقة، فهذه المسائل الشاقة على النفس تحتاج إيمانا يهون عليه ما يجده في نفسه من مشقة وكره للقتال، كما أن المجاهد بالمال والنفس لا يفعل ذلك إلا لأنه مؤمن بعدالة قضيته وبأنه على الحق، ولذلك كان من الحكمة أن يؤكد للذين آمنوا بقوله (تؤمنون بالله) ,
ماهي الغاية من (تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم)؟
الغاية من ذلك هي (نصرة) الدين، هي أن نكون أنصارا لله، ولذلك أكدها الله بعد ذلك بقوله (يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله ... ).
تأملوا الآيات من قوله تعالى: هل أدلكم ..... إلى آخر السورة.
ماذا يقتضي سياق أمر الله من كلام يستوجب التوضيح؟
مثلا: لو قلت لك يا فلان هل أدلك على تجارة تصبح بها مليونيرا وهي أن تبيع أرضك ودارك وتأتيني بثمنهما لأستثمرها لك.
هل بمجرد أن تسمع كلامي تقوم بتنفيذ ما اقترحته عليك أم أنك تطالب بإثبات يصدق كلامي يجعلك تثق في وتطمإن إليه نفسك؟
بالطبع فإنك لا تقدم على بيع دارك وأرضك إلا بعد أن تستيقن وتتأكد أنها تجارة رابحة، ولا تطلب البينة التي تطمإن لها نفسك إلا لأنك (خائف)، والخائف محتاج للإطمئنان,
والتطمين في هذا الأمر يكون بتزكية الآمر وأنه على حق في ما يعرضه عليك في هذه المسألة، وهذا (تنزيه) عن النصب والاحتيال.
فأعرض عليك وثائق ومعاملات أخرى أثبت من خلالها (نزاهتي)، وإذا كنت قد تعاملت معك من قبل وكسبت منها أموالا، فإنني أذكرك بها فأقول: تذكر أنني أنا الذي شاركتك في المشروع الفلاني فكسبت منها أموالا، إذن في التذكير بهذه الأمور زيادة في التطمين.
وحتى آدم عليه السلام لم يأكل من الشجرة بمجرد سماعه اقتراح إبليس (هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى) وإنما بعدما أوهمه إبليس أنه نزيها وأنه يقول الحق وأنه له ناصح أمين وأقسم إبليس على ذلك.
كذلك فإن أمر الله للمؤمنين في سورة الصف اقتضى أن يتبعه بالتنزيه
الذي يطمئن الأنفس: يسبح لله ما في السموات والأرض الملك القدوس العزيز الحكيم).
واقتضى التذكير بفضل الله على المؤمنين: هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)، وحيث أن أمره تعالى (هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم) موجه إلى كل المؤمنين إلى أن تقوم الساعة، فإن من الحكمة ألا يقتصر التذكير بفضل الله على الأولين فقط وإنما يشمل التذكير كل من يعنيه الأمر إلى أن تقوم الساعة فقال تعالى: وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم) هذا هو فضل الله الجدير بالتذكير لكل المعنيين بالأمر (الأميين والآخرين اللاحقين بهم)
: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم).
وإذا كان للأب ابن لم يسمع كلامه ولم يلتف إلى نصائح أبيه فإن الأب يحذر أبناءه الآخرين من الحدو حدوه لكي لا يرسبوا مثله في الامتحان، فلو كان هذا الابن صادقا في ادعاءه أنه لا يحتاج إلى مذاكرة دروسه لتمنى الامتحان اليوم قبل الغد، لكن الكسلاء لا يتمنون الامتحان لأنهم سيفشلون في اجتيازه، فكان من الحكمة أن يضرب الله
المثل بعد ذلك باليهود: مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار .....
يتبع إن شاء الله
¥