تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وبعد سرد هذه الآراء، تأتي مرحلة المناقشة، ومن أفضل من ناقشها الشيخ مناع القطان في "مباحثه":

¨ حيث أجاب عن الرأي القائل بأن المراد، هو سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن، بمعنى أنه في جملته لا يخرج في كلماته عنها، فهو يشتمل في مجموعه عليها، بأن لغات العرب أكثر من سبع، وبأن عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم رضي الله عنهما، اختلفا، رغم أن كليهما قرشي، فلو كان الحرف، (بمعنى القراءة)، واحدا لما استنكر عمر قراءة هشام، فإنكاره يدل على أن عمر رضي الله عنه، سمع بحرف قبيلة في مجلس، وسمع هشام رضي الله عنه، (نفس الآيات) بحرف قبيلة أخرى في مجلس آخر، فحصل الخلاف بينهما.

وأجاب الطبري رحمه الله، على هذا بقوله: بل الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، هن لغات سبع في حرف واحد، وكلمة واحدة، بإختلاف الألفاظ وإتفاق المعاني، كقول القائل: هلم، وأقبل، وتعال، وإلي، وقصدي، ونحوي، وقربي، ونحو ذلك. اهـ، وأشار رحمه الله إلى أن هذه الأحرف غير موجودة، إلا الحرف الموجود في المصحف العثماني، الذي أجمعت عليه الأمة، في عهد عثمان رضي الله عنه مخافة الفتنة، ولا إشكال في ذلك، لأن الأمة أمرت بحفظ القرآن، وخيرت في قراءته وحفظه بأي تلك الأحرف السبعة شاءت.

¨ وأجاب، الشيخ مناع، عن الراي القائل بأن المراد بها، سبعة أوجه من الأمر والنهي والحلال، … الخ، بأن ظاهر الأحاديث يدل على أن المراد بالأحرف السبعة أن الكلمة تقرأ على وجهين أو ثلاثة إلى سبعة توسعة للأمة، والشيء الواحد لا يكون حلالا وحراما في آية واحدة، والتوسعة لم تقع في تحريم حلال، ولا تحليل حرام، وقد أشار الطبري رحمه الله، إلى هذا المعنى في مقدمة تفسيره.

¨ وأجاب عن الرأي الذي يرى أن المراد بالأحرف السبعة وجوه التغاير التي يقع فيها الإختلاف (كالتصريف والتقديم والتأخير والإبدال)، بأن هذا وإن كان شائعا مقبولا لكنه لا ينهض أمام أدلة الرأي الأول، الذي جاء التصريح فيها بإختلاف الألفاظ مع إتفاق المعنى، وبعض وجوه التغاير والإختلاف التي يذكرونها ورد بقراءات الآحاد، ولا خلاف في أن كل ما هو قرآن يجب أن يكون متواترا، وأكثرها يرجع إلى شكل الكلمة أو كيفية الأداء، (كالتفخيم والترقيق، والإمالة)، مما لا يقع به التغاير في اللفظ، فإمالة لفظ (موسى)، في قوله تعالى: (وهل أتاك حديث موسى)، على سبيل المثال، لم يؤد إلى تغيير اللفظ، وإن أدى إلى إختلاف طريقة النطق به، والله أعلم.

¨ وأجاب عن الرأي القائل بأن العدد سبعة، لا مفهوم له، بأن الأحاديث تدل بنصها على حقيقة العدد وانحصاره، كما تقدم، والأكثرون على أنه محصور في سبعة، كما أشار إلى ذلك الزركشي رحمه الله في "البرهان"، وقد يشكل على هذا ما رواه الحاكم رحمه الله في مستدركه من حديث سمرة رضي الله عنه مرفوعا: أنزل القرآن على ثلاثة أحرف، والجواب على هذا، بأن هذا الحديث لا يقوى على معارضة، الأحاديث التي ورد فيها التصريح بالسبعة، وهي في الصحيحين، قال أبو عبيد رحمه الله: تواترت الأخبار بالسبعة إلا هذا الحديث، يعني: فليقدم المتواتر، وليؤخر ما دونه وهو هذا الحديث، وأما أبو شامة رحمه الله، فقد مال إلى الجمع بين أحاديث الباب، فقال: يحتمل أن يكون معناه: أن بعضه أنزل على ثلاثة أحرف، أو أراد: أنزل إبتداء على ثلاثة، ثم زيد إلى سبعة.

¨ وأجاب على الرأي القائل، بأن المراد هو القراءات السبع، بأن القرآن: هو الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للبيان والإعجاز، والقراءات: هي إختلاف في كيفية النطق بألفاظ الوحي، من تخفيف أو تثقيل أو مد أو نحو ذلك، بمعنى أن تعدد القراءات، لا يلزم معه تعدد الألفاظ، خلاف تعدد الأحرف، فيلزم معه تعدد الألفاظ، وإنما القراءات، تكون في حرف واحد (أي لفظ واحد)، كما هو مشاهد، حيث أن القراءات السبع، كلها في الحرف الذي جمع عثمان رضي الله عنه الأمة عليه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير