تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فإن الأمر الثاني يحتمل توكيد الأول، ويحتمل تأسيس أمر جديد بالثبات على الإسلام، فيكون الأول: أمر بالإنشاء، والثاني: أمرا بالثبات، كما أشار إلى ذلك الحافظ، رحمه الله، في "الفتح".

*****

ومنه أيضا:

لفظ: "المدينة"، في قوله تعالى: (قَالَ فِرْعَوْنُ آَمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ).

فإن "أل" في "المدينة": للعهد الذهني، وهي مصر، فلا يمكن حملها على الماهية، أو على معهود آخر غير مصر، فإن فرعون لم يظهر إلا في مصر!!!!.

وكذلك في قوله تعالى: (وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ):

"أل" للعهد الذهني، فهي تشير إلى أرض الحجر التي بعث إليها صالح عليه الصلاة والسلام، كما أشار إلى ذلك القرطبي رحمه الله.

وقوله تعالى: (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا): فإن هذه المدينة: مدينة بعينها هي: مدينة منف، إحدى مدن مصر، كما أشار إلى ذلك القرطبي رحمه الله.

وكذلك "المدينة" في قوله تعالى: (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ)، فإن "أل" في "المدينة" هنا تفيد عهدا ذهنيا، اختار جمع من المفسرين أنه مدينة "أنطاكية"، المدينة المعروفة في بلاد الشام، وخالف جمع آخر، منهم شيخ الإسلام، رحمه الله، في "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح"، إذ المعروف أن أهل أنطاكية أسلموا لما بعث إليهم المسيح صلى الله عليه وعلى آله وسلم اثنين من أتباعه يدعوانهم إلى الحق، بخلاف المدينة المذكورة في سورة يس، فقد أُرْسِلَ إليها ثلاثة رسل، يوحى إليهم، فكذبوا، فكان من أمرهم ما كان، وعليه رجح أصحاب هذا القول أن هذه المدينة ليست أنطاكية، وأن هذا البعث كان قبل زمن المسيح صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

بخلاف "المدينة" في نحو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا).

فإن المدينة هنا هي: المدينة النبوية، على ساكنها، أفضل الصلاة والسلام، فهي أشهر معهود تدل عليه "أل" في لفظة "المدينة"، فإليها ينصرف العقل والقلب ابتداء، إذا أطلقت، وقد اصطلح النحاة على تسمية هذا النوع من الأعلام بـ: "العلم بالغلبة"، ومثلوا بنحو قولك: "الكتاب": علما على كتاب سيبويه رحمه الله، وإلى ذلك أشار صاحب الألفية، رحمه الله، بقوله:

وقد يصير علما بالغلبة ******* مضاف أو مصحوب "أل" كالعقبة

يقول ابن عقيل، رحمه الله، شارحا:

"من أقسام الألف واللام أنها تكون للغلبة، نحو: "المدينة"، و "الكتاب"، فإن حقهما الصدق على كل مدينة وكل كتاب، لكن غلبت "المدينة" على مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، و "الكتاب" على كتاب سيبويه، رحمه الله تعالى، حتى إنهما إذا أطلقا لم يتبادر إلى الفهم غيرهما". اهـ

والله أعلى وأعلم.

ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[07 - 08 - 2008, 10:29 ص]ـ

بوركت يا مهاجر لا مزيد على ما أفضت به وفصلت فاسلم ودم في رعاية من الله.

ـ[مهاجر]ــــــــ[10 - 08 - 2008, 09:19 ص]ـ

وبوركت د: أبا أوس وسلمت ودمت في رعاية الله وجوزيت خيرا على المرور والدعاء أيها الكريم.

ومن ذلك أيضا:

قوله تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ)، فإن "أل" في "اليهود": عهدية تعود على قوم بعينهم، فليس كل اليهود قال هذا القول الباطل، بل إن جفاء الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، كان أصلا فيهم، فخرج من خرج منهم عن طريقة القوم المطردة في الجفاء، إلى طريقة النصارى في الغلو، فمن طرف إلى طرف، وكلا طرفي قصد الأمور ذميم.

فيكون إطلاق لفظ "اليهود" في هذه الآية من باب: إطلاق الكل، وإرادة البعض، أو: إطلاق العام وإرادة الخاص، فيكون من قبيل العام الذي أريد به خاص، وإلى ذلك أشار القرطبي، رحمه الله، بقوله: "قوله تعالى: (وقالت اليهود) هذا لفظ خرج على العموم ومعناه الخصوص، لأن ليس كل اليهود قالوا ذلك. وهذا مثل قوله تعالى: (الذين قال لهم الناس). [آل عمران: 173] ولم يقل ذلك كل الناس". اهـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير