تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[12 - 08 - 2008, 08:35 ص]ـ

جزاك الله خيرا، أيها الكريم، على المرور والتعليق.

الجنسية، أخي أيمن، إما:

لبيان الماهية دون استغراق: كالمثال الذي يذكره النحويون: الرجل خير من المرأة، أي أن: جنس الرجال خير من جنس النساء جملة، لا تفصيلا، فليس المقصود أن كل رجل خير من كل امرأة، ليقال بأنها تستغرق كل أفراد الجنسين، فهذا أمر يكذبه الواقع، إذ كثير من آحاد النساء خير من كثير من الرجال، ولكن إذا قوبل الجنس بالجنس فجنس الرجال خير، ولذلك اختصهم الله، عز وجل، بالنبوة، والقوامة ............. إلخ.

وإما أن تكون استغراقية: فتفيد استغراق عموم ما دخلت عليه، فيكون المقصود الماهية وزيادة: ماهية الشيء وكل أفراده في نفس الوقت، كقوله تعالى: (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ)، فإن "أل" في "الطفل": جنسية استغراقية تعم كل طفل فيكون الطفل بمعنى: "الأطفال".

*****

ومن الأمثلة التي قد تأتي للعهد:

"الفلك": فهو مثل "السفينة" التي سبق ذكر طرف منها في مداخلة سابقة:

ففي قوله تعالى: (فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ): "أل" عهدية تشير إلى فلك بعينه هو فلك نوح عليه الصلاة والسلام.

بخلاف الفلك في قوله تعالى: (رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)، فـ: "أل" فيه: جنسية تفيد ماهية الفلك.

ومن ذلك أيضا:

قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ).

فإنه، للوهلة الأولى، قد يتوهم الناظر، تعارضا، بين هذا الحديث، وأحاديث الوعيد التي فيها وعيد خاص على معاص بعينها، توعد الله، عز وجل، فاعلها بدخول النار، من قبيل: ( ............ حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ فَيَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ النَّارُ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ فَيَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ قَدْ امْتَحَشُوا فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ .............. )، وفيه رد على الخوارج والمعتزلة الذين حكموا بخلود مرتكب الكبيرة في النار إن مات من غير توبة، فإن امتحاشهم في النار، دليل على طول عذابهم فيها، مع أنهم قالوا: لا إله إلا الله، مبتغين بها وجه الله، فمعهم أصل التوحيد المنجي، وإلا ما خرجوا من النار أصلا، والجواب على ذلك:

أن "أل" في "النار": عهدية، فهي تشير إلى نار مخصوصة، لا يدخلها من مات على التوحيد، وإن عظمت ذنوبه، وهي النار التي أعدها الله، عز وجل، للكفار والمنافقين، فهي دار عذاب أبدية لا تفنى، في مقابل الجنة: دار النعيم الأبدية، فهي، أيضا، لا تفنى، وبينهما واسطة، وهي نار أعدها الله، عز وجل، لعصاة الموحدين، تطهيرا لهم، قبل دخول الجنة انتهاء، ففي فنائها، وقع الخلاف، فاختار بعض أهل العلم، كابن القيم، رحمه الله، فناءها، وإليه أشار بقوله: "ولما كان الناس ثلاث طبقات: طيب لا يشوبه خبث، وخبيث لا طيب فيه، وآخرون فيهم خبث وطيب، كانت دورهم ثلاثة: دار الطيب المحض، ودار الخبيث المحض، وهاتان الداران لا تفنيان، ودار لمن معه خبث وطيب وهي الدار التي تفنى، وهي دار العصاة، فإنه لا يبقى في جهنم من عصاة الموحدين أحد، فإنهم إذا عذبوا بقدر جزائهم أخرجوا من النار فأدخلوا الجنة، ولا يبقى إلا دار الطيب المحض ودار الخبيث المحض". اهـ

وبذلك خرج بعض أهل العلم الخلاف في مسألة فناء النار، فالخلاف فيها قد وقع بين السلف، رحمهم الله، وامتد إلى بعض أهل العلم المتأخرين، وهو من الخلاف السائغ الذي لا يضلل المخالف فيه، فلكل حظ من الأثر والنظر، والله أعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير