ـ[مهاجر]ــــــــ[29 - 08 - 2008, 12:54 م]ـ
ومنه أيضا:
"أل" في "المحصنات" في قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ)، فالمتبادر إلى الذهن من "أل" في "المحصنات" أنها تشير إلى الزوجات اللاتي دُخِل بهن، ولكن السياق، يرجح أنها عهدية تشير إلى الحرة، لأنها جاءت في مقابل: "الأمة"، فصارت القسمة ثنائية: حرة بكر تجلد مائة إن زنت، وأمة تجلد على النصف من ذلك إن زنت، ولا يصح حمل المحصنة في هذا السياق على الزوجة، لأن حدها: الرجم، والرجم لا يقبل القسمة، ليصح إيقاع نصفه على الأمة.
ولفظ "المحصنة"، كما ذكر الشيخ السيد سابق، رحمه الله، في حاشية "فقه السنة": مشترك لفظي، ونص كلامه:
"الإحصان يأتي في القرآن بمعنى:
الحرية: "فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب"، أي الحرائر.
ويأتي بمعنى العفة: "والذين يرمون المحصنات"، أي العفيفات.
ويأتي بمعنى التزوج: "والمحصنات من النساء"، أي المتزوجات.
ويأتي بمعنى الوطء: "محصنين غير مسافحين".
والأصل فيه في اللغة: المنع، ومنه: "لتحصنكم من بأسكم" وأخذ منه الحصن.
وورد في الشرع بمعنى: الإسلام، وبمعنى: البلوغ، وبمعنى: العقل". اهـ بتصرف يسير.
"فقه السنة"، (2/ 264).
وفي "لسان العرب": "والمرأَة تكون مُحْصَنة بـ: الإسلام والعَفافِ والحريّة والتزويج"
ومنه قوله تعالى: (إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ).
فـ: "أل" في "الفرقان": عهدية تشير إلى يوم بعينه، هو: يوم بدر، والسياق يدل على ذلك بخلاف "الفرقان" في:
قوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا)، فالمقصود به: القرآن، بقرينة: "نزل"، و "لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا".
وقوله تعالى: (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ)، فالمقصود به: "التوراة"، بقرينة: "آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ "، وإنما أوتيا التوراة.
فصار السياق عمدة في تحديد العهد الذي تشير إليه: "أل"، وإذا تأملت الآيات السابقة وجدت أن الفرقان فيها يدل على معنى كلي مشترك هو: كون المذكور فارقا بين الحق والباطل، فيوم بدر كان فارقا بين جند الحق وجند الباطل، والكتب المنزلة من قرآن وتوراة وإنجيل ............. إلخ فارقة بين وحي الرحمن ففيه الهدى والسلامة، ووحي الشيطان ففيه الضلال والندامة.
فصارت المسألة من قبيل: "المشترك المعنوي" الذي يجمع حقائق مختلفة ترجع إلى أصل كلي مشترك، فهي من قبيل الألفاظ "المتواطئة"، كما اصطلح على تسميتها.
*****
ومنه: "الأبناء":
وهم طائفة من الفرس قدمت اليمن مع سيف بن ذي يزن لتحريره من قبضة الأحباش الغزاة، فاستولوا على مقاليد الأمور، وحكموا اليمن أتباعا لكسرى، فاستبدل سيف حكم الفرس بالأحباش!!!!، وقد أسلم زعيمهم: باذان، رحمه الله، زمن النبوة، فأقره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على ملك اليمن، على منهاج النبوة في إقرار من أسلم من الملوك على ملكه تأليفا لقلبه، وخلفه ابنه: "شهر" الذي قتله الأسود العنسي، مدعي النبوة، وتزوج أرملته: "أزاد"، وتمكن بقية الأبناء بقيادة "فيروز" من قتله بمعونة: "أزاد"، وقد بشر بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل وفاته فقال: "قتل العنسي، قتله رجل مبارك من أهل بيت مباركين".
فإذا أطلق لفظ "الأبناء" في هذا السياق التاريخي، صارت "أل" عهدية تشير إلى تلك الطائفة المؤمنة من الفرس بعينها.
*****
ومنه: "الناموس"، في قول ورقة بن نوفل، رضي الله عنه، في حديث بدء الوحي: "هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى".
فـ "أل": فيه عهدية تشير إلى الروح الأمين: جبريل عليه الصلاة والسلام.
¥