وأصل "الناموس" في اللغة: صاحب السر، وخصه بعض أهل العلم بصاحب سر الخير في مقابل "الجاسوس": صاحب سر الشر، والإطلاق بلا تقييد بخير أو شر هو الأشهر، كما أشار إلى ذلك الحافظ، رحمه الله، في "الفتح".
وقال في "التعريفات": الناموس: "هو الشرع الذي شرعه الله". اهـ
فالمعنى الكلي المشترك هو صاحب السر، وتفرع عليه: صاحب الوحي: الرسول الملكي: جبريل عليه الصلاة والسلام، فالوحي سر من جهة كونه: إعلاما في خفاء وسرعة، لا من جهة كونه يحوي أسرارا لم يبلغها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا طائفةً من الصحب والآل، رضي الله عنهم، كما يزعم بعض المخرفين، فإن لازم ذلك القول الشنيع: كتمان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعض ما أمر بتبليغه، حاشاه بأبي هو وأمي.
*****
ومنه:
ألفاظ جاءت على صيغة المثنى، وإن لم تكن داخلة في حد المثنى الاصطلاحي، لاختلاف مسمييها، وشرط صحة التثنية: تماثل حقيقة الفردين اللذين يدل عليهما لفظ المثنى، كما قرر النحاة، فمن ذلك:
النقدان: الذهب والفضة.
والعمران: أبو بكر وعمر، رضي الله عنهما، فتكون تثنية لفظ "عمر" من باب التغليب لأنه أخف في النطق، وقيل: عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز، فتكون التثنية لفظية مع اختلاف حقيقة الفردين.
والأسودان: التمر والماء، من باب التغليب أيضا.
واللسانان: اللسان والقلم، فيجمعهما: البيان، وإن حصل بالأول نطقا، وبالثاني خطا.
والعصران: الغداة والعشي.
والملوان: الليل والنهار، وقيل: "الجديدان"، ومنه قول الشاعر:
إن الجديدين إذا ما استوليا ******* على جديدٍ أدنياه للبلى.
*****
ومنه "العنت" في قوله تعالى: (ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ).
فالعنت هو: المشقة مطلقا، فتكون "أل" فيه: جنسية لبيان الماهية، ولكن قرينة السياق هنا رجحت كونها عهدية تشير إلى صورة بعينها من صور المشقة، وهي: وقوع الحرج الذي يصل إلى حد الضرورة في أمر النكاح، فيخشى المكلف الوقوع في الزنى، الذي يشير إليه العهد، ولذلك: يدفع أعظم المفسدتين بأصغرهما، فينكح الأمة، وإن كان نكاحها مكروها، لقرينة: (وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ)، ليدفع عن نفسه الزنى المحرم، فارتكاب المكروه أهون من ارتكاب المحرم.
*****
ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: (لَا تُقَدِّمُوا صَوْمَ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَوْمٌ يَصُومُهُ رَجُلٌ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الصَّوْمَ).
فـ: "أل" في "الصوم" عهدية ذكرية تشير إلى الصوم المتقدم الذي يعتاده الإنسان، فيصومه، وإن كان يوم شك، أو يوم جمعة أو سبت منفردين ........ إلخ، ويستثنى من ذلك: صيام العيدين، وأيام التشريق لغير حاج لم يجد الهدي فيصوم الأيام الثلاثة في الحج في أيام التشريق، يستثنى ما تقدم: فإن هذه الأيام لا يجوز صيامها أبدا، وإن وافقت عادة.
ويقوي العهد الإشارة بـ: "ذلك"، وهذا بين بأدنى تأمل.
والله أعلى وأعلم.
ـ[أيمن الوزير]ــــــــ[31 - 08 - 2008, 02:40 ص]ـ
أعانك الله ورعاك أخي مهاجر
ـ[مهاجر]ــــــــ[26 - 10 - 2008, 09:02 ص]ـ
وأعانك ورعاك أخي أيمن: رد بعد نحو شهرين!!!!.
ومما يدخل في موضوع المشاركة الأصلي: الألقاب التي أطلقت على أشخاص بعينهم نحو:
لقب "الشيخين" فله عدة إطلاقات تكون "أل" فيها عهدية بحسب: الطبقة، أو العلم، أو المذهب .............. إلخ،
فـ: من الصحابة: أبو بكر وعمر، شيخا قريش، رضي الله عنهما.
ومن أئمة الحديث: البخاري ومسلم رحمهما الله.
ومن أئمة الفقه الحنفي: أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله.
مقدمة: "الإشارات النافعات على شرح منتهى الإرادات"، ص115.
ومن أئمة الفقه المالكي: ابن أبي زيد القيرواني، رحمه الله، (الذي وصفه الشيرازي رحمه الله بـ "مالك الأصغر"، و "قطب المذهب")، وأبو بكر الأبهري رحمه الله.
"مالك، حياته وعصره، آراؤه وفقهه" للشيخ محمد أبي زهرة رحمه الله، ص217.
ومن أئمة الفقه الشافعي: الرافعي، والنووي رحمهما الله.
مقدمة: "الإشارات النافعات على شرح منتهى الإرادات"، ص121.
¥