والعباسي، وكان من أخبث الملوك سيرة، وأطولهم مدة، كما تقدم، وقد شهدت الخلافة في عهده انحسارا كبيرا وبدء الزحف المغولي على شرق العالم الإسلامي، وقد خلفه ابنه: الظاهر، رحمه الله، وكان على خلاف أبيه من أعدل الملوك سيرة، ولم تتمتع الأمة بذلك الخليفة العادل إلا تسعة أشهر فقط!!!!.
والناصر: صلاح الدين: يوسف بن أيوب، مقدم دولة بني أيوب، ومثله أشهر من أن يعرف.
ومحمد الناصر الموحدي ابن يعقوب المنصور: وفي عهده وقعت نكبة "العقاب" التي سحق فيها الجيش الإسلامي أمام جيش نصارى الأندلس، فكانت معركة بأمة، كما يقول أحد الفضلاء المعاصرين، إذ لم تقم لدولة الموحدين بعدها قائمة!!!.
وتتبع هذا الأمر في سير الخلفاء والأمراء أمر طريف لا يخلو من فائدة.
ومن ذلك أيضا: أسماء المصنفات نحو:
"الموطأ": فهناك موطآت كثيرة، كموطأ: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، رحمه الله، وموطأ ابن وهب، رحمه الله، ولكن العهد فيه يشير ابتداء إلى: موطأ إمام دار الهجرة: مالك، رحمه الله، أعظم موطآت المسلمين.
و "الشرح": فهو عبد الحنابلة، رحمهم الله، يشير إلى شرح بعينه هو شرح الشيخ شمس الدين ابن قدامة، رحمه الله، ابن أخي الموفق، رحمه الله، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
و"التمهيد":
فهو في "الحديث" علم على أشهر شروح الموطأ، بل هو، عند التحقيق، من أشهر كتب الشروح في الإسلام، لحافظ المغرب: ابن عبد البر الأندلسي، رحمه الله، المتوفى سنة 463 هـ.
وفي "أصول الدين": يشير إلى "التمهيد" للقاضي الباقلاني رحمه الله.
و "الإبانة":
فمنها إبانة الأشعري، رحمه الله، وإبانة ابن بطة، رحمه الله، الصغرى والكبرى، وإبانة القاضي الباقلاني، رحمه الله، وكلها في الأصول.
*****
ومنه الخلافة في حديث سفينة رضي الله عنه:
"سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يكون ملكا» ثم قال: أمسك، خلافة أبي بكر سنتان، وعمر عشر، وعثمان اثنتا عشرة، وعلي ست".
فإن ذلك قد يعارض، بادي الرأي، بحديث أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعا: (كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ تَكْثُرُ قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ).
فإن فيه إثبات خلفاء كثر، وذاك فيه إثبات الخلافة: ثلاثين سنة، والجواب أن "أل" في "الخلافة" في الحديث الأول: عهدية فهي تشير إلى: "الخلافة الراشدة" أو الخلافة الكاملة التي سار فيها الخلفاء على منهاج النبوة قبل أن تتحول إلى ملك زمن معاوية رضي الله عنه.
ويرجح ذلك رواية سفينة، رضي الله عنه، عند أبي داود رحمه الله: (خِلَافَة النُّبُوَّةِ ثَلَاثُونَ سَنَةً ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْمُلْكَ أَوْ مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ)، ففيها نص على الخلافة المقصودة، فيصح أن يقال بأن "الخلافة" في الحديث الأول من قبيل العام الذي خص بوصف "النبوة" في الحديث الثاني، فيحمل العام على الخاص.
وقد يقال أيضا بأن "أل" في "الخلافة" في الرواية الأولى: جنسية استغراقية: استغراقا مجازيا معنويا لأوصاف الخلافة الكاملة، فلا إجمال فيها على هذ الوجه يستلزم بيانا بحملها على خصوص رواية أخرى، أو ادعاء العهد فيها، أو تقدير وصف محذوف يقتضيه السياق فهو بين بنفسه، كما تقول مادحا: زيد الرجل، فإن ذلك يغنيك عن قولك: زيد الرجل الكامل الرجولة.
*****
و "المتعة":
في حديث: غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ سَأَلْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
عَنْ الْمُتْعَةِ فَقَالَ فَعَلْنَاهَا وَهَذَا يَوْمَئِذٍ كَافِرٌ بِالْعُرُشِ يَعْنِي بُيُوتَ مَكَّةَ.
فإن "أل" فيها عهدية تشير إلى متعة الحج.
والإشارة في هذا ترجع إلى معاوية، رضي الله عنه، وإلى ذلك أشار النووي، رحمه الله، بقوله:
" وَأَمَّا قَوْله (وَهَذَا يَوْمَئِذٍ كَافِر بِالْعُرُشِ) فَالْإِشَارَة بِهَذَا إِلَى مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان، وَفِي الْمُرَاد بِالْكُفْرِ هُنَا وَجْهَانِ:
¥