وعند الفقهاء: قسيم اللازم في الأحكام الوضعية كالوكالة فهي عقد جائز من الطرفين يجوز لكليهما فسخه إلا إن ترتب على ذلك ضرر يلحق أحدَ الطرفين فـ: "الضرر يزال" كما قرر أهل العلم.
*****
والواجب:
عند المناطقة: وقد تقدم معناه عندهم، فهو قسيم الجائز والمحال، والواجب: كوجود الله، عز وجل، متصفا بصفات الكمال المطلق.
وعند الأصوليين: هو ما وعد فاعله بالثواب وتوعد تاركه بالعقاب.
*****
وقوله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ):
فالعهد فيه ذكري، فقد تقدم ذكر الشهر المراد في قوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ).
*****
وقوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ):فقد قال بعض المفسرين هو: تنور الخبز، فيحتمل أن يكون تنورا بعينه جعل علامة على هلاك قوم نوح، فتكون: "أل" عهدية، ويحتمل أن تكون "أل" فيه جنسية، فيكون المعنى: وفار الماء من أعين التنانير التي تسعر فيها النيران، فهذا علامة بدء الطوفان.
*****
ومنه قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ):
يقول الحافظ، رحمه الله، في "الفتح"، (4/ 147):
"قَوْلُهُ: (الشَّهْر تِسْع وَعِشْرُونَ)
ظَاهِره حَصْرُ الشَّهْرَ فِي تِسْع وَعِشْرِينَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَنْحَصِرُ فِيهِ بَلْ قَدْ يَكُونُ ثَلَاثِينَ، وَالْجَوَاب أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَة وَعِشْرِينَ أَوْ اللَّامُ لِلْعَهْدِ وَالْمُرَاد شَهْر بِعَيْنِهِ أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَكْثَرِ الْأَغْلَبِ لِقَوْلِ اِبْن مَسْعُود " مَا صُمْنَا مَعَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَكْثَرَ مِمَّا صُمْنَا ثَلَاثِينَ " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ، وَمِثْلُهُ عَنْ عَائِشَة عِنْدَ أَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّل قَوْله فِي حَدِيث أُمّ سَلَمَةَ فِي الْبَابِ أَنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَة وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيِّ: قَوْلُهُ " الشَّهْر تِسْع وَعِشْرُونَ فَلَا تَصُومُوا إِلَخْ " مَعْنَاهُ حَصْره مِنْ جِهَةِ أَحَدِ طَرَفَيْهِ، أَيْ أَنَّهُ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَهُوَ أَقَلُّهُ، وَيَكُونُ ثَلَاثِينَ وَهُوَ أَكْثَرُهُ، فَلَا تَأْخُذُوا أَنْفُسَكُمْ بِصَوْم الْأَكْثَر اِحْتِيَاطًا، وَلَا تَقْتَصِرُوا عَلَى الْأَقَلِّ تَخْفِيفًا، وَلَكِنْ اِجْعَلُوا عِبَادَتكُمْ مُرْتَبِطَةَ اِبْتِدَاءٍ وَانْتِهَاءً بِاسْتِهْلَالِهِ". اهـ
*****
وقوله تعالى: (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ):
فـ: "أل" في "القول": عهدية تشير إلى القرآن الذي أمرنا باستماعه وتدبره.
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"وذلك أن اللام في لغة العرب هي للتعريف فتنصرف إلى المعروف عند المتكلم والمخاطب وهي تعم جميع المعروف فاللام في القول تقتضي التعميم والاستغراق لكن عموم ما عرفته وهو القول المعهود المعروف بين المخاطب والمخاطب ومعلوم أن ذلك هو القول الذي أثنى الله عليه وأمرنا باستماعه والتدبر له واتباعه فإنه قال في أول هذه السورة: (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين ألا لله الدين الخالص) [سورة الزمر 1_3] فذكر في السورة كلامه ودينه الكلم الطيب والعمل الصالح". اهـ
"الاستقامة"، ص172.
*****
ومن ذلك أيضا:
حديث وفد عبد القيس، رضي الله عنهم، وفيه:
"إِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيكَ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ". اهـ
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله:
"قَوْله: (إِلَّا فِي الشَّهْر الْحَرَام)
¥