"الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 250).
والله أعلى وأعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 11 - 2008, 08:26 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم:
هذه بعض فوائد جُمِعَت، ولله الحمد والمنة، عن "أل" وأقسامها، أدرجتها على نفس الرابط، مع أنها أوسع دائرة من "أل" العهدية فالأخيرة أحد أفرادها، لتكتمل الفائدة إن شاء الله.
فـ: "أل": إما أن تكون:
عهدية، والمعهود إما أن يكون:
ذهنيا: كما في قوله تعالى: (إذ هما في الغار)، أي: غار حراء المعهود، وقوله تعالى: (إذ يبايعونك تحت الشجرة)، أي: شجرة البيعة المعهودة في الحديبية، وقولك: جاء الشيخ، إذا كان بينك وبين مخاطبك عهد في شيخ بعينه.
أو ذكريا: كما في قوله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا)، فالرسول في الآية الثانية قد تقدم ذكره منكرا في الآية الأولى، وعبرة هذه، كما يقول ابن هشام رحمه الله: أن يسد الضمير مسدها مع مصحوبها، ففي قولك: اشتريت فرسا ثم بعت الفرس، يصح أن يقال: اشتريت فرسا ثم بعته، وفي الآية يصح أن يقال في غير القرآن: كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصاه فرعون، فحلت هاء الغائب محل "الرسول" في الآية الثانية دون أن يختل المعنى.
بتصرف من "مغني اللبيب"، (1/ 72).
أو كنائيا: كما في قوله تعالى: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى)، فالمعهود هنا أيضا: ذكري، ولكن ذكره لم يرد تصريحا، كالنوع السابق، وإنما ورد تلميحا، في قوله تعالى: (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا)، وقد جرى عرفهم على نذر الذكور لخدمة بيت المقدس دون الإناث.
أو حضوريا: كما في قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)، أي: يوم عرفة الذي حضره المخاطبون بهذه الآية.
ومن صور المعهود الذي يدل عليه السياق: "الذكر":
فهو: الكتاب الذي تقدم نزوله على القرآن كما في قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، والسياق يدل على ذلك، إذ المخاطب: من أنكر من العرب أن يكون الرسول بشرا مثلهم فلزمت إحالتهم إلى من بعث فيهم رسول، ليتأكدوا أن: الرسول بشر مثلهم وليس ملكاً، ومن بعثت فيهم الرسل قبل العرب هم أهل الكتاب من جيرانهم من يهود ونصارى الجزيرة العربية. فهم أدرى بأمر النبوات من العرب الذين لم يبعث فيهم رسول قبل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وفي قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، السياق يدل على أن الذكر هو: القرآن، وقال بعض أهل العلم هو الوحي عموما سواء أكان متلوا وهو: القرآن، أم غير متلو وهو: السنة. فالسياق سياق امتنان على المسلمين بحفظ دينهم ودينهم هو: القرآن والسنة.
وفي قوله تعالى: (ص وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ)، السياق يدل على أن الذكر: هو الشرف ونباهة الذكر.
وفي قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ): الذكر هو: اللوح المحفوظ أو أم الكتاب في أحد الأقوال.
وفي قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ)، المراد بالذكر: الذكر باللسان
فصار العهد تبعا للسياق الذي يرد فيه المعرف بـ: "أل".
*****
وإما أن تكون جنسية:
فتفيد: العموم الحقيقي، وعلامته: جواز استبدال "أل" بلفظ "كل" دون تغير في المعنى، وجواز الاستثناء منها، وفي التنزيل: (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)، فيصح في غير القرآن: إن كل إنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا ..............
¥