تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولقد أمر على اللئيم يسبني ******* فمضيت ثمت قلت لا يعنيني

فـ: "أل" في "اللئيم": جنسية تفيد ماهية من اتصف باللؤم، لا لئيما بعينه، ولذا آل معناها إلى النكرة: "لئيم"، وأُعْرِبت جملة "يسبني" بعدها: في مجل جر صفة لها لأنها مجرورة بحرف الجر "على"، وإعرابها: صفة يزيد المعنى قوة، لأنها لو أعربت حالا لأفادت معناها حال مروره على اللئيم فقط، فيكون المعنى مقيدا بزمن معين، لأن الحال متنقلة لا تلازم صاحبها، بخلاف ما لو أعربت صفة، فإنها تفيد عموم اتصافه بذلك، وهو أكمل في المدح، لأن النعت لازم لا ينفك عن صاحبه.

ومن شعر أبي الطيب المتنبي:

إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ******* وإذا أنت أكرمت اللئيم تمردا

فقوله: الكريم يؤول في المعنى إلى: كريم، وقوله: اللئيم يؤول في المعنى إلى: لئيم، يؤيد ذلك ورودهما في سياق الشرط، والأصل فيه العموم، وهو أليق بالنكرات.

فالنكرة تدل على جنس معين دون أن يكون معلوما للسامع فردٌ بعينه من أفراده، إذ لو كان كذلك لتعرف في ذهن السامع وصار معرفة ابتداء، فصار خاصا بفرد بعينه لا عاما يشمل جميع أفراد الجنس.

*****

ومن أنواع "أل": "أل" الموصولة:

وعلامتها: أنها تتصل باسم مشتق، فيصير صلة لها، كما في قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)، فتقدير الكلام: والذي سرق والتي سرقت، فـ: "أل" قد اتصلت باسم الفاعل، وهو وصف مشتق مفرد، وقوله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ)، وأي: والتي زنت والذي زنى، وحديث أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعا وقد تكلم في إسناده: (الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ)، أي: الذي يقتل لا يرث، يقول ابن هشام رحمه الله: "وهي الداخلة على أسماء الفاعلين والمفعولين، قيل: والصفاتِ المشبهة، وليس بشيء، لأن الصفة المشبهة للثبوت فلا تُؤوَّل بالفعل، (لأن الفعل يدل على الحدوث والتجدد)، ولهذا كانت الداخلةُ على اسم التفضيل ليست موصولة باتفاق، وقيل: هي في الجميع حرفُ تعريف، ولو صح ذلك لمنَعتْ من إعمال اسمي الفاعل والمفعول، كما منع منه التصغير والوصف". اهـ بتصرف من "مغني اللبيب"، (1/ 71).

فهي لا توصل إلا باسم مشتق يؤول بالفعل، كما سبق في تأويل "السارق" بـ: الذي سرق، و "الزانية" بـ: التي زنت، والفعل مظنة التجدد والحدوث، بخلاف الصفة المشبهة، فهي مظنة الثبوت، فمعنى التجدد الذي يفيده الفعل أو فرعه: الاسم المشتق الذي يؤول به، غير حاصل فيها، ولذا لا تؤول "أل" في "الحسن" بـ: الذي، فلا يقال: الذي يَحْسُنُ، لأن الحسن صفة ملازمة للموصوف بها، فلا يتصور حسنه تارة وقبحه تارة أخرى، فـ "أل" في "الحسن" للمح الصفة، وقد ضعف ابن هشام، رحمه الله، القول بأن "أل": حرف تعريف، لأن "أل" التعريف لا تدخل على الفعل، فهي من علامات الاسم الأصيلة، ودخول "أل" التعريف يقوي ما تدخل عليه في باب الاسمية، والأصل في الاسم: عدم العمل، فلا يعمل إلا إذا أول بفعل، فالقول بأن "أل" في "السارق": "أل" التعريف، يمنع عمله مطلقا، وقد عُلِم أن اسم الفاعل يعمل إذا اتصلت به "أل" في جميع أزمنته، ماضيا كان أو حاضرا أو مستقبلا، فتقول: "هذا الضارب زيدا أمس، أو الآن، أو غدا"، قال امرئ القيس:

القاتلين الملكَ الحلاحلا ******* خير معد حسبا ونائلا

فقتله قد وقع في الماضي.

وعمله في هذه الحال: مقيد بما يليه، فلا يعمل فيما قبله، لأن "أل" الموصولة تمنع عمل صلتها فيما قبلها، فلا تقول: أما العسلَ فأنا الشارب،

ومنه قوله تعالى: (وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ)، فإن "أل" تمنع عمل "زاهدين" في "فيه" المتقدمة، فيقدر لـ "زاهدين" معمول من جنس المتقدم، فيكون تقدير الكلام: وكانوا فيه من الزاهدين فيه، والذي سوغ حذفه: تقدم ذكره فيدل المذكور على المحذوف إذ هو بمنزلة العوض عنه وقد تقرر أنه لا يجمع بين العوض والمعوض عنه لئلا يقع التطويل بالتكرار.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير