تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و إذا اختُلف في ذكر زيادة معينة في متن حديث، أثبتها بعض الرواة، و لم يثبتها البعض الآخر، و ترجح لدينا أن من أثبتها أخطأ في ذلك، و أن الصواب عدم إثباتها في هذا المتن.

فإن وجدت هذه الزيادة في متن آخر، لم يكن ورودها في المتن الأول شاهداً لها في المتن الثاني، لأنه قد تُحقق من أن إدخالها في المتن الأول خطأ من قِبَل بعض الرواة، و أنها مقحمة في هذا المتن، و ليست منه، بل قد يكون من زادها في المتن الأول إنما أخذها من المتن الثاني، ثم أقحمها بالأول، من غير تحقيق ([27] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn27)) .

و هذان الأمران؛ اللذان يترجح بوجودهما في الرواية كونها خطأ، و أنها لا تصلح للاعتبار، هما ما أشار إليه الإمام الترمذي ـ عليه رحمة الله تعالى ـ عند تعريفه للحديث "الحسن" و بيان شرائطه؛ فإنه ذكر: أن كل ما "يُروى من غير وجه" لا يكون "حسناً" حتى يجتمع فيه شرطان.

الأول: "لا يكون في إسناده من يُتَّهم بالكذب".

فهذا؛ ما يتعلق بحال الراوي.

الثاني: "لا يكون الحديث شاذاً".

و هذا؛ ما يتعلق بحال الرواية نفسها.

و كل من تعرض لشرائط اعتضاد الروايات، إنما يدور كلامه في هذا الفلك، و أنه لا بد من تحقق هذين الشرطين فيها جميعاً، فإذا لم يتحقق أحدهما في الرواية، سقطت عن حد الاعتبار، و إن تحقق الآخر ([28] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn28)) .

فهذا هو الأساس الأول في هذا الباب، وهو ما حرره الحافظ ابن حجر ـعليه رحمة الله ـ، ولخَّصه في قوله ([29] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn29)) :

" لم يذكر ـ يعني ابن الصلاح ـ للجابر ضابطاً، يُعلم منه ما يصلح أن يكون جابراً، أو لا.

والتحرير فيه: أن يقال: إنه يرجع إلى الاحتمال في طرفي القبول و الرد:

فحيث يستوي الاحتمال فيهما؛ فهو الذي يصلح لأن ينجبر.

وحيث يقوى جانب الرد؛ فهو الذي لا ينجبر.

و أما إذا رجح جانب القبول؛ فليس من هذا؛ بل ذاك في الحسن الذاتي. والله أعلم ".

وهذا التفصيل؛ هو الذي أراده الإمام أحمد ـ عليه رحمة الله ـ، من قول الجامع، والذي هو بمنزلة قاعدة عريضة، ومَثَل سائر؛ حيث يقول ([30] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn30)) :

" الحديث عن الضعفاء؛ قد يُحتاج إليه في وقت، و المنكَر أبداً منكر".

ففَّرق الإمام؛ بين أن يوجد في الرواية ما يكون مظنة لوقوع الخطأ فيها، و هو أن تكون من رواية مَن هو ضعيف الحفظ، وذكر أن هذا النوع "قد يُحتاج إليه في وقت"؛ أي: في باب الاعتبار.

و بين أن تكون الرواية في نفسها منكرة، وذلك حيث يترجح وقوع الخطأ فيها، فمثل هذه لا تنفع في الاعتبار، بل هي منكرة أبداً، وجودها كعدمها؛ ولو كانت من رواية من يصلح حديثه للاحتجاج أو للاعتبار في الأصل.

الأساس الثاني:

أن الخطأ هو الخطأ، مهما كان موضعه، لا فرق بين خطأ في الإسناد و خطأ في المتن، فإذا تُحُقق من وقوع خطأ في الرواية، في إسنادها أو متنها لا يعرج إلى هذا الخطأ، و لا يُعتبر به، بل هو منكر، له ما للمنكر، و عليه ما على المنكر.

فإذا كان ما ثبت خطؤه من المتن أو بعض المتن غير صالح للاعتبار؛ فكذلك ما ثبت خطؤه من الإسناد أو بعض الإسناد غير صالح للاعتبار.

فالخطأ و النكارة؛ كما يعتريان المتون، فكذلك يعتريان الأسانيد، لا فرق بينهما في ذلك، بل وقوعهما في الأسانيد أكثر، كما سيأتي، إن شاء الله تعالى.

لأن الأسانيد، هي مادة الاعتبار، فالمعتَبِر إنما يعتبر الأسانيد المتعددة لهذا المتن، و يجمعها من بطون الكتب، ثم يضم بعضها إلى بعض، فيحكم بثبوت المتن، بناءً على أن هذا المتن قد جاء بعدة أسانيد،مختلفة المخارج، و إنْ كان في بعضها ضعف من قِبَل الإرسال أو سوء حفظ بعض الرواة، إلا أن الاجتماع يجبر ذلك الضعف.

فصارت هذه الأسانيد ـ مجتمعة ـ هي الحجة التي يقوم عليها ثبوت هذا المتن عن رسول الله r .

وأن هذه الأسانيد لو لم توجد، لما كان هناك من حجة لإثبات هذا المتن عن رسول الله r .

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير