فإذا تحققنا من أن كل أسانيد هذا المتن وجودها كعدمها؛ لأن كل إسناد من هذه الأسانيد، غنما هو خطأ في ذاته، و منكر على حدته، و أن وجوده كعدمه؛ سقطت ـ حينئذٍ ـ الحجة التي يقوم عليها ثبوت هذا المتن عن رسول الله r .
لأننا إذا ذهبنا نقوِّي ثبوت هذا المتن بانضمام هذه الأسانيد، التي ثبت لدينا أن كل إسناد منها منكر و خطأ، فقد ذهبنا إلى تقوية المنكر بالمنكر، و الخطأ بالخطأ، و انضمام المنكر إلى المنكر لا يدفع النكارة عنه، بل يؤكدها و يثبتها، وما بُني على منكر فهو منكر، و ما بُني على باطل فهو باطل.
نعم؛ إن كان بعض هذه الأسانيد، من قسم "الخطأ المحتمل"، كان هذا هو الذي يصلح للاعتبار، و ينتفع المتن به عند انضمامه إلى ما هو مثله.
أما إذا كانت كل الأسانيد هذا المتن من قسم "الخطأ الراجح"، لم ينتفع المتن بها، ولا بانضمامها؛ لأن المنكر أبداً منكر.
وأيضاً؛ ما كان من هذه الأسانيد من القسم الأول، فهو لا ينتفع بأسانيد القسم الثاني، بل إذا وُجد من أسانيد القسم الأول ما يكفي لجَبْرِ المتن وتَقْويته؛ فبها، أما إذا لم تكن بحيث تكفي لذلك، فلا تنفعها أسانيد القسم الثاني بحال؛ لأن " ما ثبت خطؤه لا يُعقل أن يقوى به رواية أخرى في معناها " ([31] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn31)) ولو كانت الرواية المقواة صالحة للتقوية، وذلك؛ " أن الشاذ والمنكر مما لا يُعتد به، ولا يُستشهد به، بل إن وجوده وعدمه سواء" (1).
بل؛ لو كان هذا المتن صحيحاً مفروغاً من صحته، لمجيئه من وجه صحيح لذاته، أو أكثر، فإنه لا ينتفع أيضاً بما يجيء له من أسانيد القسم الثاني، بل هو صحيح بإسناده الصحيح، أو بأسانيد الخطأ والمنكرة التي جاءت له.
ولهذا؛ لم يصحح الأئمة حديث: " الأعمال بالنيات " إلا من طريق واحدة، وحكموا على سائر طرقه بالخطأ والنكارة، ولم يُقووا الحديث بها، مع أن بعض هذه الأسانيد أخطأ فيها من هو صدوق في الحفظ، وليس ضعيفاً، فضلاً عن أن يكون متوغلاً في الضعف ([32] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn32)) ؛ وما ذلك إلا لأنه " ترجَّح " لديهم أن هؤلاء الموصوفين بالصدق قد أخطئوا في هذه الأسانيد، ولم يحفظوها كما ينبغي؛ فكانت أسانيدهم " شاذة ".
ولهذا؛ وجدنا الحافظ ابن حجر، بعد أن ذكر أن هذا الحديث مما تفرد به يحيى بن سعيد، ولك من فوقه، قال ([33] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn33)) : " قد وردت لهم متابعات، لا يُعتَبر بها؛ لضعفها ".
دددددددددددددددددددددددددد
وهكذا؛ الشأن في كثير من الأحاديث، مثل حديث " المغفرة " ([34] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn34)) ، وحديث: "نهى عن بيع الولاء وعن هبته " وحديث " المؤمن يأكل في معيٍ واحد "، وحديث " نهى عن الدُّباء والمُزفَّت "، وغير ذلك مما لا يخفى عن مشتغل بهذا العلم الشريف، عالم بأقوال أهل العلم فيه.
وهذا الأحاديث وغيرها؛ صحيحة ثابتة من وجه أو أكثر،.
وقال ابن حجر "ومتى توبع سيء الحفظ بمعتبر كأن يكون فوقه أو مثله لا دونه وكذا المختلط الذي لم يتميز والمستور والاسناد المرسل وكذا المدلس اذا لم يعرف الحذوف منه صار حديثه حسنا لا لذاته بل بل وصفه بذلك باعتبار المجموع من المتابع والمتابع لان مع كل واحد منهم احتمال كون روايته صوابا او غير صواب على حد سواء فاذا جاءت من المعتبرين رواية موافقة لاحدهم رجح احد الجانبين من الاحتمالين المذكورين ودل ذلك ان الحديث محفوظ فارتقى من درجة التوقف الى درجة القبول والله أعلم "
من العبارات السابقة يتبين لنا شرووط الحديث الذي ينجبر وشروط الجابر وهي:
1. ان لا يكون في اسناده متهم بالكذب ولا مغفلا كثير الخطأ (الراوي سيء الحفظ)
2. ان لا يكون الحديث شاذا
3. أن يروى من غير وجه
4. اشترط ابن حجر وغيره ان يكون الجابر بمرتبة المجبور او اعلى منه. لا ما هو دونه
لكن وجد من خالف ابن حجر بذلك فاختار بعض المحدثين التقوية بالأدى.
¥