تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الصنعاني وأما الوجه الثاني وهو التعليل بعدم قبول الداعية بالمفسدة في قبوله فالجواب عليه أن نقول إما أن يقوم الدليل الشرعي على قبولهم أولا يقوم إن لم يدل الدليل الشرعي على وجوب قبولهم لم نقبلهم لعدم الدليل على القبول هل كانوا دعاة أو غير دعاة أي سواء كانوا وإتيان هل لهذا المعنى لا أعرفه وإن دل الدليل الشرعي على وجوب القبول كما هو المفروض لم يصلح ما أورده ما نعا من امتثال الأمر بقبولهم ولا مسقطا بمعلوم الفرض من قبولهم.

قلت (الصنعاني) وهاهنا بحثان في قبول مطلق المبتدع داعية كان أو غيره وذلك لأن أهل الأصول أخذوا عدم البدعة في رسم العدالة قالوا: المبتدع ليس بعدل فكيف يقبل حديثه فإنه قبله أهل الحديث كما سمعت ولم يردوا إلا الداعية لا لأجل بدعته بل لأنه داعية إليها وفسر الحافظ ابن حجر العدالة بأنها ملكة تحمل على ملازمة التقوى والمروة وفسر بالتقوى بأنها اجتناب الأعمال السيئة من شرك وفسق أو بدعة فأفادة أن ترك البدعة من ماهية العدالة فطابق كلام الأصوليين فالمبتدع لا يكون عدلا على رأي الفريقين ثم إنه قسم البدعة إلى قسمين ما يكون ردا لأمر معلوم من الدين ضرورة أو إثباتا لأمر معلوم بالضرورة أنه ليس منه انتهى.

قلت (الصنعاني) ولا يخفى أن من كان بهذه الصفة فإنه كافر لرده ما علم ثبوته أو إثباته لما علم نفيه وكلا الأمرين كفر لأنه تكذيب للشارع وهذا ليس من محل النزاع إذ الكلام في المسلم المبتدع وأما ما يكون ابتداعه بفسق فقد اختار لنفسه ونقل عن الجمهور أنه يقبل ما لم يكن داعية وحينئذ فلا يرد إلا الداعية ورده لا لأجل بدعته بل لكونه داعية وهذه مسألة قبول أهل التأويل والمصنف قد نقل في كتبه الأربعة العواصم ومختصره الروض الباسم وهذا الكتاب ومختصره في أصول علم الحديث إجماع الصحابة على قبول فساق التأويل ولا يخفى أن هذا ينافي القول بشرطية عدم البدعة في الراوي ورسم العدالة منافاة ظاهرة وقد تقرر كون البدعة من الكبائر عند أئمة العلم ودلت عليه عدة أحاديث قد أودعناها رسالة حسن الإتباع وقبح الإبتداع وسقنا شطرا منها صالحا في رسالتنا ثمرات النظر وأطلنا القول في هذا البحث فيها.

وإذا عرفت هذا فلا يخلو قابل المبتدع إما أن يقول إنه عدل وإن ابتداعه لا يخل بعدالته فهذا رجوع عن رسم العدالة أو يقول إنه لا يشترط عدم البدعة في العدل وإنه لا يطابق أحاديث الزجر عن البدعة.

البحث الثاني أن تفسير العدالة بما ذكره الحافظ ابن حجر تطابقت عليه كتب أئمة الأصول والحديث وإن حذف البعض قيد الأبتداع فإنهم قد اتفقوا على أنها ملكة ولا يخفى أنه ليس هذا معناها لغة ففي القاموس العدل ضد الجور وإن كان كلامه في هذه الألفاظ قليل الإفادة لأنه يقول والجور نقيض العدل فيدور وفي النهاية لابن الأثير العدل الذي لا يميل به الهوى وهو وإن كان تفسيرا للعادل فقد أفاد المراد به وفي غيرهما العدل الإستقامة ولأئمة التفسير أقوال في تفسيرها قال الفخر الرازي في مفاتح الغيب بعد سرده الأقوال إنه عبارة عن الأمر المتوسط بين طرفي الإفراط ولاتفريط قلت وهو قريب من تفسيره بالإستقامة فإنه فسرها الصحابة وهم أهل اللسان العربي بعدم الرجوع إلى عبادة الأوثان وأنكر أبو بكر الصديق على من فسرها بعد الإتيان بذنب وقال حملتم الأمر على أشده وفسرها أمير المؤمنين علي عليه السلام بالإتيان بالفرائض، والحاصل أن تفسيرهم العدالة بالملكة ليس هو معناها لغة ولا أتى عن الشارع في ذلك حرف واحد وتفسيرها بالملكة تشديد لا يتم وجوده إلا في المعصومين.

قال العراقي في شرح التبصرة والتذكرة ص104:" بيانٌ لشروطِ العدالةِ، وهي خمسةٌ: الإسلامُ، والبلوغُ، والعقلُ، والسلامةُ من الفسق - وهو ارتكابُ كبيرةٍ، أو إصرارٌ على صغيرةٍ - والسلامةُ ممّا يخرمُ المروءة".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير