قَالَ الْبُخَارِيّ فِي بَعْض النُّسَخ عَقِب رِوَايَة حَفْص: حَدِيث أَبِي الدَّرْدَاء مُرْسَل لَا يَصِحّ إِنَّمَا أَرَدْنَا لِلْمَعْرِفَةِ أَيْ إِنَّمَا أَرَدْنَا أَنْ نَذْكُرهُ لِلْمَعْرِفَةِ بِحَالِهِ، قَالَ: وَالصَّحِيح حَدِيث أَبِي ذَرّ قِيلَ لَهُ: فَحَدِيث عَطَاء اِبْن يَسَار عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ؟ فَقَالَ: مُرْسَل أَيْضًا لَا يَصِحّ.
ثُمَّ قَالَ: اِضْرِبُوا عَلَى حَدِيث أَبِي الدَّرْدَاء. قُلْت: فَلِهَذَا هُوَ سَاقِط مِنْ مُعْظَم النُّسَخ، وَثَبَتَ فِي نُسْخَة الصَّغَانِيّ، وَأَوَّله قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه حَدِيث أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء مُرْسَل، فَسَاقَهُ إِلَخْ. ومنها:
في شرح حديث: عمار تقتله الفئة الباغية، قال الحافظ: في دفع الإشكال الوارد على هذا الحديث:
ثَبَتَ فِي نُسْخَة الصَّغَانِيّ الَّتِي ذَكَرَ أَنَّهُ قَابَلَهَا عَلَى نُسْخَة الْفَرَبْرِيّ الَّتِي بِخَطِّهِ زِيَادَة تُوَضِّح الْمُرَاد وَتُفْصِح بِأَنَّ الضَّمِير يَعُود عَلَى قَتَلَتِهِ وَهُمْ أَهْل الشَّام .. اهـ
ومنها:
بعد قول البخاري: (وَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُؤْمِن لَا يَنْجَس).
وَقَعَ فِي نُسْخَة الصَّغَانِيّ هُنَا " قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه: النَّجِس الْقَذِر ".
ومنها:
فِي " بَاب اَلْخَصْر فِي اَلصَّلَاةِ " وَقَعَ فِي نُسْخَة الصَّغَانِيّ: وَرُوِيَ أَنَّهُ اِسْتِرَاحَة أَهْل اَلنَّارِ أهـ.
ومنها:
في صدقة الفطر: قوله (حَتَّى إِنْ كَانَ يُعْطِي عَنْ بَنِيَّ) زَادَ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يَعْنِي بَنِي نَافِعٍ أهـ.
ومنها:
في باب التعجيل إلى الموقف: فقد ثبت لِلْأَكْثَرِ هَذِهِ التَّرْجَمَة بِغَيْر حَدِيث، وَسَقَطَ مِنْ رِوَايَة أَبِي ذَرٍّ أَصْلًا، لكن وَقَعَ فِي نُسْخَة الصَّغَانِيّ هُنَا مَا لَفْظُهُ: يَدْخُلُ فِي الْبَاب حَدِيث مَالِك عَنْ اِبْن شِهَاب وَلَكِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُدْخِلَ فِيهِ غَيْرَ مُعَادٍ أهـ.
أراد بحديث مالك عن ابن شهاب: الَّذِي رَوَاهُ عَنْ سَالِم وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْبَاب الَّذِي قَبْلَ هَذَا. وهذا شيء يفيدنا في منهجية البخاري في المكرر، وللمهلب هيام بهذا التكرار، نبه على فوائده في أول نصيحه.
قال الحافظ: يَعْنِي حَدِيثًا لَا يَكُونُ تَكَرَّرَ كُلُّهُ سَنَدًا وَمَتْنًا.
قُلْت: وَهُوَ يَقْتَضِي أَنْ أَصْلَ قَصْدِهِ أَنْ لَا يُكَرَّرَ فَيُحْمَلَ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ تَكْرَارِ الْأَحَادِيثِ إِنَّمَا هُوَ حَيْثُ يَكُونُ هُنَاكَ مُغَايَرَة إِمَّا فِي السَّنَدِ وَإِمَّا فِي الْمَتْنِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَنْ شَيْخَيْنِ حَدَّثَاهُ بِهِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَكُونُ عِنْدَهُ مُعَادًا وَلَا مُكَرَّرًا وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ بِسَنَد وَاحِد لَكِنْ اِخْتَصَرَ مِنْ الْمَتْنِ شَيْئًا أَوْ أَوْرَدَهُ فِي مَوْضِع مَوْصُولًا وَفِي مَوْضِع مُعَلَّقًا، وَهَذِهِ الطَّرِيقُ لَمْ يُخَالِفْهَا إِلَّا فِي مَوَاضِعَ يَسِيرَة مَعَ طُولِ الْكِتَابِ إِذَا بَعُدَ مَا بَيْنَ الْبَابَيْنِ بُعْدًا شَدِيدًا.
وَنَقَلَ الْكَرْمَانِيّ أَنَّهُ رَأَى فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَقِبَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ " قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه يَعْنِي الْمُصَنِّف: يُزَادُ فِي هَذَا الْبَاب هَمْ حَدِيثُ مَالِك عَنْ اِبْن شِهَاب وَلَكِنِّي لَا أُرِيدُ أَنْ أُدْخِلَ فِيهِ مُعَادًا " أَيْ مُكَرَّرًا. قُلْت: كَأَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْهُ حِينَئِذ طَرِيق لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ عَنْ مَالِك غَيْر الطَّرِيقَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرَهُمَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعِيدُ حَدِيثًا إِلَّا لِفَائِدَة إِسْنَادِيَّةٍ أَوْ مَتْنِيَّةٍ كَمَا قَدَّمْتُهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ الَّتِي نَقَلَهَا الْكَرْمَانِيّ " هَمْ " فَهِيَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُون الْمِيمِ قَالَ الْكَرْمَانِيّ: قِيلَ إِنَّهَا فَارِسِيَّة وَقِيلَ عَرَبِيَّة وَمَعْنَاهَا قَرِيب مِنْ مَعْنَى أَيْضًا. قُلْت: صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِد مِنْ عُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ
¥