ـ[أديب بشير]ــــــــ[16 - 06 - 10, 08:05 م]ـ
قال الشريف العوني تحت عنوان: تطبيقاتٌ لمسلم تدل على مراعاته للقرائن:
(لقد تجنّب الإمامُ مسلم الإخراجَ للحسن البصري عن عمران بن حصين رضي الله عنه في صحيحه خوفًا من عدم تحقق السماع بينهما، مع أن الحسن البصري وُلد سنة (21هـ)، وتوفي عمران بن حصين سنة (52هـ أو 53هـ). فالحسن معاصرٌ لعمران زيادةً على ثلاثين عامًا، ساكنَ الحسنُ خلالها عمران بن حصين في بلد واحد (هو البصرة) خمس عشرة سنة.)
أولا: لا عجب أن يذكر الحاكم أن الشيخين لم يخرجا للحسن عن عمران، و ما في كتابه " المستدرك" كما هو معلوم غير لازم للشيخين اللذين لم يرد أحدهما استيعاب ما صح عنده، فلا عبرة بما اعتذر به عن عدم روايتهما بهذه الترجمة. فنسأل الشريف العوني: هل الأحاديث بهذه الترجمة كثيرة كرواية عكرمة مولى ابن عباس في التفسير و الذي يقول أهل العلم أن مسلما تحايده على الرغم من أنه أخرج له حديثين؟ أوليس في الباب ما أغنى الشيخين عن الرواية بهذه الترجمة؟
ثانيا: القرائن التي ذكرها الشريف العوني تقوي بشدة سماع الحسن من عمران، فان صح ما ذكر الشريف أن مسلما لم يخرج بهذه الترجمة خوفا من عدم تحقق السماع، فقد عمل مسلم بخلاف القرائن، فما وجه الاستدلال؟
ثالثا: قول الشريف ما معناه (أن مسلما خشيَ الإرسالَ، مع تحقق المعاصرة الطويلة). ان صح هذا فكان الأولى أن يضع الشريف هذا في باب ترجيح مذهب البخاري (أو سمه المزعوم) على مذهب مسلم، لأن مسلما حينئذ يكون قد عمل بما أنكر في مقدمة صحيحه، حيث أنكر على من لم يقبل الحديث المعنعن بحجة الارسال حتى يتبين السماع و لو مرة.
ـ[أديب بشير]ــــــــ[26 - 06 - 10, 07:15 م]ـ
احتجاج الشريف العوني بالاجماع الذي نقله مسلم و بوصف مسلم لمخالفه بالجاهل خامل الذكر:
ان أحسن ما يجاب به عن ذلك بأن مسلما رحمه الله بدأ بكتابة المقدمة، ثم شرع في بقية الكتاب، في أثناء ذلك جمع من الأحاديث ما لم يكن متوافرا له من قبل كتلك التي جاء فيها التصريح بسماعات بعض الرواة من شيوخهم في الأسانيد التي ذكرها أمثلة لالزام المخالف (وقد أكمل الحافظ فتح الباري في خمس و عشرين سنة خلاف المقدمة، لذلك يرجح أحيانا في موضع قولا، ثم يرجح غيره في اخر)، و أن مسلما عند كتابة المقدمة سمع باشتراط العلم بالسماع منسوبا الى غير البخاري، أو منسوبا اليه و لم يكن يعلم قدره انذاك فوصفه بالجاهل، على أن تلك المقدمة لم تتعرض لتدقيقه مرة اخرى، و لم تكن مما عرضه على أبي زرعة.
و ربما سيستبعد الشريف العوني هذا الاحتمال، و لكن الشريف يفرق بين المجتمعين، فقد قال في كتابه:
(وهنا أذكّر بما استملحه بعضُ أهل العلم من التعقّب على مسلم في بعض الأسانيد التي ذكرها، بوقوفهم على تصريحٍ لبعض الرواة بالسماع من بعض، وأن من تلك الأسانيد ما وقع التصريح بالسماع لرواتها في صحيح مسلم نفسه. وأخذوا ذلك على مسلم، واستغربوه منه.) و أجاب الشريف عن مسلم بقوله (إني لأتلمّس من وقوع السهو لمسلم في بعض ذلك أنه كان مستهينًا بخصمه غاية الاستهانة)
نقول: أولست القائل لاظهار قوة و حجية الاجماع الذي نقله مسلم: (السادس: أن مسلمًا أفرد مسألة العنعنة بالحديث في مقدّمته غير المُطوَّلة، وأخذت من مقدّمته مساحةً كبيرة، وأطال فيها. ممّا يدل على أنه أولاها عنايته الخاصّة، ومحَّصَ فيها علمه، وأخلص فيها جهده. فهل يصح تصوّر الخطأ من مثله، والحالة كما وصفنا؟!)
فلماذا تجزم أيها الشريف بوقوع الخطأ من مسلم، و تلتمس له العذر في موضع، ثم تستبعد و قوع الخطأ منه في اخر، و ليس بين الموضعين في مقدمة الصحيح الا اسطر قلائل؟
و قال الشريف: (أنه من الثابت أن مسلمًا عرض صحيحه على حافظين من كبار حفاظ الإسلام، هما أبو زرعة الرازي، ومحمد بن مسلم بن وارة وعُرض عليهما، فانتقدا عليه أشياء يسيرة فهل ينضافُ أبو زرعة وابن وارة إلى مسلم: على نقل الإجماع المنخرم بقول المحققين أو الجماهير، بل الجميع. . سواهم؟)
نقول للشريف: فهل جازت عليهما تلكم الأسانيد؟
و قال الشريف: (ويعني ذلك أن مسلمًا عاش بعد انتهائه منه أحدَ عشر عامًا، كان خلالها يروي كتابَه، ويسمعه منه الجَمُّ الغفيروهو خلال هذه السنوات يقرأ الصحيح بنقل ذلك الإجماع الذي فيه، مجابهًا بذلك أهلَ عصره، دون نكير من أحد، ولا يُنبَّه مسلمٌ إلى خطئه الكبير)
نقول: و قد سمعوا الأسانيد التي مثل بها في المقدمة، و لا شك ان بعضا منهم سمع الصحيح اكثر من مرة و بخاصة رواته، فلماذا لم ينبهوه؟ و أيهما أولى بالتنبيه: قول جاء ما ينقض بعضه في نفس الكتاب و لا انفكاك له عنه، أم أقوال خارجة عنه؟
ففيما ذكرنا من الاعتذار لمسلم مخرج للفريقين، و الحمد لله.
خطأ غريب جدا وقع فيه الشريف العوني:
قال الشريف (أن كتاب (صحيح البخاري) لا ينفع أن يكون دليلاً على صحة نسبة ذلك الشرط إلى البخاري، ولو تحقّق فيه ذلك الشرط فعلاً دون انخرام ... الى أن قال: فإن قيل: هذا فيه مَيْلٌ إلى ترجيح قَوْلِ من زَعَمَ أن شَرْطَ البخاري المنسوب إليه شَرْطُ كمال، بمعنى أنه شرطٌ له في (الجامع الصحيح) لا في أصل الصحّة. فأقول: لا، حاشا أن نميل إلى قولٍ لا دليل عليه، بل الدليل ينقضه)
و الخطأ هنا هو أنه لو تحقق الشرط دون انخرام فلا يخلو أن يكون ذلك اما اتفاقا، أو أن البخاري كان يتحرى ذلك، و الشريف العوني يقول بالثاني، فلا يحتاج القائل بأنه شرط كمال برهانا غير هذا.
¥