تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَأَوَّلُ مَنْ عُرِفَ أَنَّهُ قَسَّمَ الْحَدِيثَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ - صَحِيحٌ وَحَسَنٌ وَضَعِيفٌ - هُوَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ. وَالْحَسَنُ عِنْدَهُ مَا تَعَدَّدَتْ طُرُقُهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي رُوَاتِهِ مُتَّهَمٌ وَلَيْسَ بِشَاذِّ. فَهَذَا الْحَدِيثُ وَأَمْثَالُهُ يُسَمِّيهِ أَحْمَدُ ضَعِيفًا وَيَحْتَجُّ بِهِ وَلِهَذَا مَثَّلَ أَحْمَدُ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ الَّذِي يُحْتَجُّ بِهِ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَحَدِيثِ إبْرَاهِيمَ الهجري وَنَحْوِهِمَا.

وعلى خطى شيخه سار ابنُ القيم حيث يقول –في كلامه على أصول الإمام أحمد-: (الأصل الرابع: الأخذ بالمرسل والحديث والضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه، وهو الذي رجحه على القياس، وليس المراد بالضعيف عنده: الباطل ولا المنكر ولا ما في روايته متهم بحيث لا يسوغ الذهاب إليه فالعمل به، بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح وقسم من أقسام الحسن؛ ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف، بل إلى صحيح وضعيف، وللضعيف عنده مراتب فإذا لم يجد في الباب أثرا يدفعه ولا قول صاحب ولا إجماعا على خلافه =كان العمل به عنده أولى من القياس)

وقال ابن رجب الحنبلي- وهو من أعلم الناسِ بمذهبِ أحمد -: كان الإمام أحمد يحتج بالحديث الضعيف الذي لم يرد خلافه ومراده بالضعيف قريبٌ مِن مراد الترمذي بالحسن. [شرح العلل].

وقال شيخ الإسلام (روى إبراهيم النخعي (أن النبي ورث ثلاث جدات جدتيك من قبل أبيك وجدتك من قبل أمك) وهذا مرسل حسن؛ فإن مراسيل إبراهيم من أحسن المراسيل فأخذ به أحمد ... )

هذه النقول عن ابن تيمية وابن القيم وابن رجب: متفقة على أنّ مراد الإمام أحمد بالحديث الضعيف (والذي جاء في رواية الأثرم: "في إسناده شيء" "مرسل") ليس هو الضعيف المصطلح عليه عند المتأخرين؛ بل هو قريب من مصطلح الترمذي (قاله ابن تيمية وابن رجب) (وقال ابن القيم: هو قسم من أقسام الحسن)، والبرهان على ما ذهبوا إليه:

1 - أنه فِي عُرْفِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْحَدِيثَ يَنْقَسِمُ إلَى نَوْعَيْنِ: صَحِيحٍ وَضَعِيفٍ. وَالضَّعِيفُ عِنْدَهُمْ يَنْقَسِمُ إلَى ضَعِيفٍ مَتْرُوكٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَإِلَى ضَعِيفٍ حَسَنٍ كَمَا أَنَّ ضَعْفَ الْإِنْسَانِ بِالْمَرَضِ يَنْقَسِمُ إلَى مَرَضٍ مَخُوفٍ يَمْنَعُ التَّبَرُّعَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِلَى ضَعِيفٍ خَفِيفٍ لَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ.و أن َأَوَّلُ مَنْ عُرِفَ أَنَّهُ قَسَّمَ الْحَدِيثَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ - صَحِيحٌ وَحَسَنٌ وَضَعِيفٌ - هُوَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ.

2 - أن الإمام أحمد مَثَّلَ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ الَّذِي يُحْتَجُّ بِهِ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَحَدِيثِ إبْرَاهِيمَ الهجري وَنَحْوِهِمَا.

وردّ بعض المعاصرين هذين الدليلين:

1 - بأن الحسن قد ورد في كلام من قبل الترمذي كابن المديني والبخاري وغيرهما.

2 - أن عمرو بن شعيب هو ضعيف عند أحمد.

والجواب عن هذين الاعتراضين:

1 - أن المتقدمين لم يصطلحوا على اصطلاح للحديث الحسن وأنه هو المرتبة التي بين الصحيح والضعيف، وإنما يطلقونه باعتبار معناه اللغوي، ولذلك تجدهم يطلقونه على الحديث الغريب.

2 - أن عمرو بن شعيب قد قواه أحمد في بعض الروايات، وأجمع ما جاء عن أحمد في عمرو: ما رواه الأثرم: سُئِلَ أبو عبد الله (أحمد بن حنبل) عن عَمْرِو بن شُعَيْب، فقال: «أنا أكتب حديثه وربما احتججنا به، وربما وجس في القلب منه شيء». والمتأخرون يجعلون حديثه حجة مطلقا. حتى لو عارضه حديثٌ صحيح!.

وقال الشيخ حمزة المليباري: الحديث ثلاثة أقسام:

[1] حديث صحيح ثبت أن رسول الله قد قاله, فهذا حجة ولا ريب.

[2] حديث ضعيف ثبت أن رسول الله لم يقله. فهذا لا يجوز أن يكون حجة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير