أقول وبالله تعالى التوفيق:
رحم الله ابن القيم فما كان أغناه من الدخول في مثل هذا الاستدلال العقلي الذي لا مجال له في أمر غيبي كهذا فوالله لو أن ناقلا نقل هذا الكلام عنه ولم أقف أنا بنفسي عليه لما صدقته لغرابته وبعده عن الأصول العلمية والقواعد السلفية التي تعلمناها منه ومن شيخه الإمام ابن تيمية فهو أشبه شيء بكلام الآرائيين والقياسيين الذين يقيسون الغائب على الشاهد والخالق على المخلوق وهو قياس باطل فاسد طالما رد ابن القيم أمثاله على أهل الكلام والبدع ولهذا وغيره فإني في شك كبير من صحة نسبة " الروح " إليه أو لعله ألفه في أول طلبه للعلم. والله أعلم
ثم إن كلامه مردود في شطريه بأمرين:
الأول: ما ثبت في " الصحيح " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور البيت في الحج وأنه كان وهو في المدينة يزور قباء راكبا وماشيا ومن المعلوم تسمية طواف الإفاضة بطواف الزيارة. فهل من أحد يقول: بأن البيت وقباء يشعر كل منهما بزيارة الزائر أو أنه يعلم بزيارته؟
وأما الآخر: فهو مخاطبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم في تشهد الصلاة بقولهم: " السلام عليكم أيها النبي. . . . " وهم خلفه قريبا منه وبعيدا عنه في مسجده وفي غير مسجده أفيقال: إنه كان يسمعهم ويشعر بهم حين يخاطبونه به وإلا فالسلام عليه محال؟ اللهم غفرا
وإذا كان لا يسمع هذا الخطاب في قيد حياته أفيسمعه بعد وفاته وهو في الرفيق الأعلى لا سيما وقد ثبت أنه يبلغه ولا يسمعه كما سبق بيانه في الدليل الرابع (ص 36)؟
ويكفي في رد ذلك أن يقال: إنه استدلال مبني على الاستنباط والنظر فمثله قد يمكن الاعتداد به إذا لم يكن مخالفا للنص والأثر فكيف وهو مخالف لنصوص عدة واحد منها فقط فيه كفاية وغنية كما
سلف وبخاصة منها حديث قليب بدر وفيه إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لعمر أن الموتى لا يسمعون فلا قيمة إذن للاستنباط المذكور فإن الأمر كما قيل: " إذا جاء الأثر بطل النظر وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل "
وقد يتساءل القارئ - بعد هذا - عن وجه مخاطبة الموتى بالسلام وهم لا يسمعونه؟ وفي الإجابة عنه أحيل القارئ إلى ما ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما يأتي من الرسالة وما علقته عليها (ص 95 - 96) فإن في ذلك كفاية وغنية عن الإعادة
وخلاصة البحث والتحقيق: أن الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال أئمة الحنفية وغيرهم - كما ستراه في الكتاب مبسوطا - على أن الموتى لا يسمعون وأن هذا هو الأصل فإذا ثبت أنهم يسمعون في بعض الأحوال كما في حديث خفق النعال أو أن بعضهم سمع في وقت ما كما في حديث القليب فلا ينبغي أن يجعل ذلك أصلا فيقال إن الموتى يسمعون كما فعل بعضهم (1) كلا فإنها قضايا جزئية لا تشكل قاعدة كلية يعارض بها الأصل المذكور بل الحق أنه يجب أن تستثني منه على قاعدة استثناء الأقل من الأثر أو الخاص من العام كما هو المقرر في علم أصول الفقه.
انتهى كلامه يرحمه الله تعالى.
و السلام عليكم
ـ[نزيه حرفوش]ــــــــ[27 - 08 - 08, 06:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
أخي الكريم جزاك الله على ردك خير الجزاء فإني أعلم ان ردك إنما هو من دافع بيان العلم وهذا الظن فيك إن شاء الله.
ولكن أخي الكريم كان عليك أن تأتي بأقوال العلماء في المسألة القائلين بسماع الميت والمنكرين له حتى يكون القارئ على بينة من الأمر , وماكنت أن يكون الرد طويلا خشية الملل من الإطالة ولكن ماكتبته يحتاج إلى شيء من التفصيل.
1 - أما قولك: ثم إني وإياك قمنا بزيارة قبر ميت ثم تكلمت معه ((والميت لا يرى المتكلم ولم يعرفه قبل وفاته طبعا) فهل يعلم الميت من هو المتكلم الزائر)؟ فكما أنه يزورك شخص فتسمعه وتراه ولا تعرف من حاله شيء وربما لا تعرفه إطلاقا.والحديث يقول: (ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده، إلا استأنس به ورد عليه حتى يقوم"وسيأتي تخريجه.
2 - وأما قولك هل يسمع الميت صوت الطائرات وكل صوت مسموع للأحياء , وهل سماع الميت دائم أم مؤقت؟
أما عن سماع أصوات الطائرات فلم يخبرنا بذلك الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم , وهل سماع الميت دائم أم مؤقت فستجد الإجابة في ثنايا أقوال العلماء.
¥