[مالمقصود بمصطلح العنعنه عند المحدثين]
ـ[طالب الدراسات]ــــــــ[21 - 08 - 08, 08:44 م]ـ
إخواني الأفاضل:- مالمقصود بمصطلح العنعنه عند المحدثين؟ Question
ـ[ابولينا]ــــــــ[22 - 08 - 08, 12:32 ص]ـ
تعريف العنعنة:
أ - لغة:
هو مصدر جعلي كالبسملة والحمدله والحوقلة، مأخوذ من لفظ " عن (ص 175) فلان " كأخذهم حولق وحوقل من قول " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " وسبحل من قول "سبحان الله " (4).
ب - اصطلاحاً:
كل حديث فيه صيغة " فلان عن فلان " من غير بيان للتحديث أو الإخبار أو السماع وهذه الصيغة غير ظاهرة في السماع (1)، ومن هنا اختلفت فيها أقوال الأئمة في الحكم عليها قبولاً ورداً، ويتحصل من مجموع أقوالهم ستة مذاهب:
المذهب الأول:
يرى أصحابه أن ما كان فيه لفظ " عن " فهو من قبيل المرسل المنقطع حتى يتبين اتصاله من جهة أخرى.
وهذا القول نقله ابن الصلاح ولم يسم قائله (2) ونقله قبله القاضي أبو محمد الرامهرمزي (ت36 هـ) عن بعض المتأخرين من الفقهاء (3) وقد أفاض الحافظ العلائي في ذكر أدلة هذا المذهب والرد عليه (4) وكذلك الإمام ابن رشيد الفهري فقد توسع أيضاً في ذكره والرد عليه وسألخص المهم من كلامه.
" المذهب الأول: مذهب أهل التشديد، وهو أن لا يعد متصلاً من الحديث إلا ما نص فيه على السماع، أو حصل العلم به من طريق آخر، وأن ما قيل فيه: فلان عن فلان فهو من قبيل المرسل أو المنقطع، حتى يتبين اتصاله بغيره، وهذا المذهب وإن قلّ القائل به بحيث لا يسمى ولا يعلم فهو الأصل الذي كان يقتضيه الاحتياط. (ص 176)
وحجته: أن " عن " لا تقتضي اتصالاً لا لغة ولا عرفاً، وإن توهم متوهم فيها اتصالاً لغة فإنما ذلك بمحل المجاوزة المأخوذ عنه. نقول: أخذ هذا عن فلان، فالأخذ حصل متصلاً فإنما ذلك بمحل المجاوزة المأخوذ عنه، وليس فيها دليل على اتصال الراوي بالمروي عنه.
وما علم منهم أنهم يأتون بـ " عن " في موضع الإرسال والانقطاع يخرم ادعاء العرف، وإذا أشكل الأمر وجب أن يحكم بالإرسال، لأنه أدون الحالات، فكأنه أخذ بأقل ما يصح حمل اللفظ عليه، وكان لصاحب هذا المذهب أن لا يقول بالإرسال بل بالتوقف حتى يتبين لمكان الاحتمال، ولعل ذلك مراده، وهو الذي نقله مسلم عن أهل هذا المذهب أنهم يقفون الخبر، ولا يكون عندهم موضع حجة لإمكان الإرسال فيه (1)، إلا أن هذا المذهب رفضه جمهور المحدثين بل جميعهم وهو الذي لا إشكال في " أن أحداً من أئمة السلف ممن يستعمل الأخبار ويتفقد صحة الأسانيد وسقيمها مثل أيوب السختياني وابن عون ومالك بن أنس وشعبة بن الحجاج ومن سمى معهم لا يشترطه ولا يبحث معه " (2) ولو اشترط ذلك لضاق الأمر جداً، ولم يتحصل من السنة إلا النزر اليسير فكأن الله أتاح الإجماع عصمة لذلك وتوسعة علينا والحمد لله " (3).
المذهب الثاني:
وهو أيضاً من مذاهب أهل التشديد إلا أنه أخف من الأول ويشترط أصحابه أن يكون الراوي طويل الصحبة لمن روى عنه فإن كان كذلك ولم يكن مدلساً كانت عنعنته محمولة على الاتصال (4) وهو منسوب للإمام أبي المظفر بن السمعاني الشافعي (ت 489 هـ) (ص 177).
المذهب الثالث:
إن كان الراوي معروفاً بالرواية عمن عنعن عنه، ولم يكن مدلساً حمل ذلك على الاتصال (5)، قاله الحافظ المقرئ أبو عمرو الداني (ت 444هـ).
المذهب الرابع:
إذا أدرك الراوي من عنعن عنه إدراكاً بيناً، ولم يكن مدلساً حمل ذلك على الاتصال (6)، قاله أبو الحسن القابسي.
فهذه مذاهب المتشددين، إلا أن ما ذكر عن الداني غير صريح في التشديد بل اعتبره الحافظ ابن رشيد موافقاً لمذهب مسلم بن الحجاج، وسيأتي ذكره وتفصيله.
المذهب الخامس:
يرى أصحابه أن العنعنة تقتضي الاتصال وتدل عليه، إذا ثبت اللقاء بين المعنعن والمعنعن عنه ولو مرة واحدة، وكان الراوي بريئاً من تهمة التدليس، وهذا المذهب قد نسبه كثير من العلماء إلى الإمام البخاري وشيخه ابن المديني، وأكثر الأئمة (1).
المذهب السادس:
يرى أصحابه أن العنعنة محمولة على الاتصال إذا توفرت الشروط التالية:
1 - أن يكون الراوي بريئاً من تهمة التدليس. (ص 178).
2 - أن يكون لقاؤه لمن روى عنه بالعنعنه ممكناً من حيث السن والبلد.
فإذا توفرت هذه الشروط كان الحديث متصلاً وإن لم يأت أنهما اجتمعا قط.
وهو قول الإمام مسلم، والحاكم أبي عبد الله، وهو ظاهر كلام ابن حبان، والقاضي أبي بكر الباقلاني، والإمام الصيرفي (2). وقد جعله مسلم - رحمه الله - قول كافة أهل الحديث وأن القول باشتراط ثبوت اللقاء قول مخترع، لم يسبق قائله إليه، وبالغ في رده، وطوّل في الاحتجاج لذلك في مقدمة صحيحه (3).
وهذه المذاهب على اختلافها وتباينها نجدها قد أجمعت على شروط لقبول السند المعنعن، وذكرها كثير من العلماء منهم: الحاكم النيسابوري والخطيب البغدادي، وابن عبد البر - رحمهم الله -.
وهذه الشروط هي (4):
1 - عدالة المحدثين في أحوالهم.
2 - لقاء بعضهم بعضاً مجالسة ومشاهدة.
3 - أن يكونوا برآء من التدليس.
الموازنة بين البخاري ومسلم في الحكم على السند المعنعن:
بعد أن عرضنا مذاهب العلماء في الحكم على السند المعنعن، وما أجمعوا عليه وما اختلفوا فيه، نرجع إلى بيان مذهب البخاري - رحمه الله - في هذه المسألة. (ص 179)
الكتاب: منهج الإمام البخاري
حاولت الأختصار بما فيه الكفاية
¥