تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[10 - 11 - 09, 09:22 م]ـ

بارك الله فيكم.

(أفسد الخبر)، و (أفسد الحديث)، ونحوها؛ مصطلحات استعملها الأئمة فيما هو أعمُّ من تحقق التدليس وبيان انقطاع الإسناد.

والظاهر أن مرادهم به: اتضاح فساد الإسناد وتعليله بعلةٍ من العلل، بعدما كان ظاهره الاستقامة والصحة.

ومن تلك العلل:

1 - الانقطاع:

كما سبق في كلام الإخوة المشايخ، وفي سؤال الأخ (محمد زين العابدين).

ومنه:

قول ابن أبي حاتم -في العلل (77) -: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه هقل والوليد بن مسلم وغيرهما عن الأوزاعي، عن عطاء، عن ابن عباس، أن رجلاً أصابته جراحة، فأجنب، فأمر بالاغتسال، فاغتسل، فكز، فمات، وذكرت لهما الحديث.

فقالا: (روى هذا الحديث ابن أبي العشرين، عن الأوزاعي، عن إسماعيل بن مسلم، عن عطاء، عن ابن عباس، وأفسد الحديث).

ومنه:

قول ابن أبي حاتم -في العلل (1449) -: سألت أبي عن حديث رواه معمر، عن قتادة، عن أبي شيخ الهنائي، عن معاوية، قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الذهب إلا مقطعًا، وعن ركوب النمور.

قال: (رواه يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو شيخ، عن أخيه حمان، عن معاوية، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-). قال: (أدخل أخاه، وهو مجهول، فأفسد الحديث).

وانظر: علل أحاديث في مسلم لابن عمار الشهيد (33)، علل ابن أبي حاتم (409، 488، 1994، 2503)، الكامل (3/ 299)، التمهيد (17/ 298).

2 - الخطأ في إسناد الحديث:

منه:

قول الإمام مسلم -في التمييز (ص217) -: (أما حديث الزهري، فقد أخطأ كل من قال: عن عروة، عن عائشة، وبيان ذلك في رواية ابن جريج:

حدثني محمد بن حاتم، ثنا محمد بن بكر، ثنا ابن جريج، قال: قلت للزهري: أخبرك عروة، عن عائشة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من أفطر في تطوع فليقضه"؟ قال: لم أسمع من عروة في ذلك شيئًا، ولكن حدثني في خلافة سليمان بن عبدالملك ناسٌ، عن بعض من كان سأل عائشة أنها قالت: أصبحت أنا وحفصة ... فذكر الحديث.

فقد شفى ابن جريج في رواية الزهري هذا الحديث عن الصحيح؛ فلا حاجة بأحدٍ إلى التنقير عن حديث الزهري إلى أكثر مما أبان عنه ابن جريج من النقر والتنقير في جمع الحديث إلى مجهولين عن مجهول، وذلك أنه قد قال له: حدثني ناس، عن بعض من كان سأل عائشة، ففسد الحديث؛ لفساد الإسناد).

ومنه:

قول ابن أبي حاتم -في العلل (1653) -: سمعت أبي وسئل عن حديث أبي خالد الأحمر، عن عبدالحميد بن جعفر، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي شريح، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله، وسبب طرفه بأيديكم، فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا".

ورواه الليث عن سعيد المقبري، عن نافع بن جبير.

ورواه أبو أسامة عن عبدالحميد بن جعفر، عن مسلم بن أبي حرة، عن نافع بن جبير، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ... مرسلاً.

قال أبي: (هذا أشبه، قد أفسد الحديثين).

ومنه:

قول ابن أبي حاتم -في العلل (1793) -: سألت أبي عن حديث رواه عبدالعزيز بن مسلم القسملي، عن محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أنه قال لأصحابه: "خذوا جنتكم"، قالوا: من عدو حضر؟ قال: "لا" ... فذكر الحديث.

قال أبي: (كنا نرى أن هذا غريب، كان حدثنا به أبو عمر الحوضي، حتى حدثنا أحمد بن يونس، عن فضيل -يعني: ابن عياض-، عن ابن عجلان، عن رجل من أهل الإسكندرية، عن النبي -صلى الله عليه وسلم، فعلمتُ أنه قد أفسد على عبدالعزيز بن مسلم، وبيَّن عورته، وحديث فضيل أشبه).

وانظر: علل أحاديث في مسلم لابن عمار الشهيد (23)، علل ابن أبي حاتم (1858، 2272، 2580)، تاريخ دمشق (48/ 241).

3 - التصحيف والتحريف:

منه:

قول ابن عبدالبر -في التمهيد (17/ 183، 184) -: (في نسخة يحيى في الموطأ في إسناد هذا الحديث وهمٌ وخطأٌ غيرُ مشكل، وقد يجوز أن يكون من خطأ اليد، فهو من قبيح الخطأ في الأسانيد:

وذلك أن في كتابه في هذا الحديث: "مالك، عن عبدالله بن أبي بكر، عن محمد بن عمرو بن حزم"، فجعل في موضع "ابن": "عن"؛ فأفسد الإسناد، وجعل الحديث لمحمد بن عمرو بن حزم، وهكذا حدث به عنه [يعني: عن يحيى] ابنه عبيدالله بن يحيى، وأما ابن وضاح فلم يحدث به هكذا، وحدث به على الصحة؛ فقال: "مالك عن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم"، وهذا الذي لا شك فيه عند جماعة أهل العلم، وليس الحديث لمحمد بن عمرو بن حزم عند أحد من أهل العلم بالحديث، ولا رواه محمد بن عمرو بن حزم بوجهٍ من الوجوه، ومحمد بن عمرو بن حزم لا يروي مثله عن عروة ... ).

هذه نماذج مقتضبة، ولعله لو بحث هذا المصطلح خرج في مبحث لطيف.

للفائدة: قال الشيخ محمد خلف سلامة في معجم (لسان المحدثين):

أفسدَ حديَثه:

يستعمل أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان وغيرهما هذه اللفظة فيقولان مثلاً: (حديث زيد أفسدَ حديثَ عمرو)، والمراد أن زيد وعمرو تتابعا على رواية حديث من الأحاديث؛ فكانت رواية عمرو عند الناقد ظاهرها الصحة، أو أنها تحتمل أن تكون صحيحة، ثم دلت رواية زيد ذلك الناقدَ بعد وقوفه عليها، على خطأ في رواية عمرو من عمرو نفسه، فهو قد روى الحديث سالماً من العلة، وهو واهم في تلك الرواية، إذ الحديث معلول كما رواه زيد، أي فيه علة قادحة مانعة من تصحيحه.

فالحديث الفاسد عندهم يأتي بمعنى الشاذ أو المنكر في عرف المتأخرين، أو هو قريب من ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير