وقال الحطاب المالكي: " يستحب صوم يوم عرفة لغير الحاج لقوله صلى الله عليه وسلم " (398)، وذكر الحديث.
وقال النفراوي المالكي: "ومن المرغب في صيامه أكثر من غيره صوم يوم عرفة، وهو تاسع الحجة، وهو يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده" (399).
وقال النووي الشافعي: "قال الشافعي والأصحاب: يستحب صوم يوم عرفة لغير من هو بعرفة" (400)
وقال البغوي الشافعي: "وصوم يوم عرفة مستحب لغير الحاج. وذكر الحديث " (401).
وقال الخرقي الحنبلي: "وصيام عاشوراء كفارة سنة، ويوم عرفة كفارة سنتين". فقال ابن قدامة الحنبلي شارحا: "وجملته أن صيام هذين اليومين مستحب لما روى أبو قتادة، وذكر الحديث" (402).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ويستحب صيام ثلاثة أيام من كل شهر ... وصيام يوم عرفة كفارة سنتين" (403).
وقال ابن القيم: "صح عنه صلى الله عليه وسلم أن صيامه يكفر سنتين، فالصواب أن الأفضل لأهل الآفاق صومه" (404).
وأفتى باستحباب صوم يوم عرفة لغير الحجاج عامة علماء وفقهاء هذا العصر.
قالت اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية برئاسة الشيخ ابن باز:
"يوم عرفة هو اليوم الذي يقف الناس فيه بعرفة، وصومه مشروع لغير من تلبس بالحج.
ويشرع صوم يوم عرفة إذا صادف يوم جمعة، ولو بدون صوم يوم قبله؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الحث على صومه وبيان فضله وعظيم ثوابه" (405).
وقال الشيخ ابن باز: " أما غير الحجاج فيستحب لهم صيام يوم عرفة فهو يوم فضيل، صيامه يكفر السنة التي قبله والتي بعده، وفيه خير عظيم" (406).
وقال الشيخ ابن عثيمين: "صيام يوم عرفة لغير الحاج سنة مؤكدة. وذكر الحديث" (407).
وقال الشيخ ابن جبرين: "غير الحجاج يشرع لهم صومه تقربا إلى الله لفضله. وفضل صيام عرفة أنه يكفر سنتين " (408).
وممن أفتى باستحباب صوم يوم عرفة لغير الحجاج، واستدل بالحديث الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي السعودية الأسبق (409)، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني (410)، والشيخ صالح الفوزان (411)
ولا أعلم أحدا من علماء هذا الزمان يفتي بعدم استحباب صوم يوم عرفة لغير الحجاج.
وبهذا يتبين لك قدر مجازفة المعترض حين قال: "فإن البعض -كالمتعالمين والقصاصين والحزبيين ممن تشبهوا بشيوخ الدين وليسوا منهم في العلم، بل هؤلاء من المتخبطين والآثمين في الدين، وهؤلاء وإن درسوا وخطبوا وحاضروا فهم جهال في الدين - الذين قالوا بصوم يوم عرفة لشهرته بين الناس، دون بحث في تخريجه وعلله وطرقه، وبدون اجتهاد في الأدلة ومعرفة الحق في هذه المسألة. والمفتي المقلد إذا أفتى الناس بدون اجتهاد في الأدلة ومعرفة الحق فهو آثم وإن أصاب الحق " (412).
خاتمة
يتلخص من هذا البحث أن حديث أبي قتادة رضي الله عنه الذي رواه مسلم في صحيحه حديث صحيح، لا علة في سنده، ولا علة في متنه، وأنه يستحب صيام يوم عرفة لغير الحجاج كما هو قول عامة العلماء قديما وحديثا، وأن العلل التي ذكرها المعترض وضعف بها الحديث لم يسبق إليها، ولم يصب في شيء منها على الإطلاق، وأن المعترض اختلطت عليه الأمور فعمد إلى الآثار التي تدل على عدم استحباب صيام يوم عرفة للحجاج فاستدل بها على عدم مشروعية صيام يوم عرفة لغير الحجاج، والمسألتان مختلفتان. وأختم هذا البحث حامدا الله تعالى على ما وفقني إليه من بيان الحق، ومصليا ومسلما على رسوله الأمين وآله وصحبه أجمعين.
ـــ
(1) مقدمة صحيح مسلم 1/ 28.
(2) سورة التوبة: 122.
(3) الجمع بين الصحيحين للحميدي 1/ 73 - 77.
(4) الجمع بين الصحيحين للإشبيلي 1/ 6.
(5) صيانة صحيح مسلم /85.
(6) شرح النووي على صحيح مسلم 1/ 14.
(7) تهذيب الأسماء 1/ 91.
(8) مجموع الفتاوى 20/ 321.
(9) عمدة القاري 1/ 5.
(10) الحطة في ذكر الصحاح الستة /225.
(11) كذا في جزئه، وصوابه: مسلما.
(12) الجزء 10 - 11.
(13) الجزء /20.
¥