تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا المعنى لا يمكن أن يفهم لو قيل: (اشتعل شيبُ الرأس)؛ بل لا يوجب اللفظ- حينئذ- أكثر من ظهور الشيب في جانب أو أكثر من جوانب الرأس. ويبين لك ذلك أنك تقول: (اشتعل البيت نارًا)، فيكون المعنى: أن النار قد وقعت في البيت وقوع الشمول، وأنها قد استولت عليه، وأخذت في جميع أطرافه ووسطه. وتقول: (اشتعلت النار في البيت)، فلا يفيد ذلك المعنى الذي أفاده الأول؛ بل لا يقتضي هذا أكثر من وقوع النار في البيت وإصابتها جانبًا منه أو أكثر واسند الاشتعال الى الرأس ايضا لان

إن (الرأس) هو مكان الشعر ومنبته، فأسند إليه الاشتعال، ولم يسند إلى الشعر؛ لأنّ الرأس لا يعمُّه الشيب إلا بعد أن يعمّ اللّحية والشاربين غالبًا، فعموم الشيب في الرأس أمارة التوغل في كبر السن؛ ولذلك يقال للشيب إذا كثر جدًّا: (قد اشتعل رأس فلان)، و (شاب رأس فلان)

. فخُصَّ (الرأس) في ذلك كله بالشيب دون (الشعر)؛ لأن الرأس هو آخر ما يشيب من شعر المرء، وهو أمارة التوغل في كبر السن كما تقدم. وهذا المعنى لا يفهم من قولنا: (اشتعل شعر فلان)، أو (شاب شعر فلان)؛ لأن شيب الشعر قد يكون عن كبر في السن، وقد لا يكون. ثم إن قولنا: (شاب شعر فلان) ليس نصًّا في شعر الرأس؛ لأنه يشمل شعر الرأس، وشعر اللِّحية، بخلاف قولنا: (شاب رأسه)، ويدلك على ذلك قول الله عز وجل:? وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ? (البقرة: 196)، وقوله تعالى:? وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ ? (المائدة: 6)، فنهى سبحانه في الأول عن حلق الرؤوس مقيَّدًا ببلوغ الهدي محله، وأمر في الثاني بالمسح بالرؤوس. فلو قيل: (ولا تحلقوا شعوركم)، و (امسحوا بشعوركم)، لأفاد الأول النهي عن حلق شعر الرأس مع شعر اللحية والشاربين، وأفاد الثاني الأمر بمسح شعر الرأس، مع شعر اللحية والشاربين

وقالو ايضا اهل المجاز: وإنَّما هو اشتعل الشيبُ في الرأس وهذا القول ناتج عن لبسهم في فهم معنى " اشتعل", و نحن نسأل القارىء: هل تشعل السراج بالنار أم تشعل النار بالسراج؟ العبارة الأولى هي الصحيحة، لأنَّ النار لا تشتعل فهي نفسها شعلةٌ فهل يصحّ أنَّ تقول: (أشعلُ الشعلة)؟! إنَّمَا هم قد ظنّوا أنَّ النار تشتعل! وصحّ عندهم القول (اشتعلت النار في دار فلان)، وإنَّما هو: (اشتعلت دار فلان بالنار). وعليه فإنَّ الرأس هو الذي يشتعلُ شيباً لا العكس، والأمر كما ذكره الله تعالى لأَنَّه شبّه الشيبَ بالنار ولم يكن التشبيه للرأس. كلُّ هذا ونحن معهم على أنَّه تشبيهٌ! بينما هو في الحقيقة لا تشبيهٌ لأنَّ الاشتعال كما جاء في المقاييس: "الشين والعين واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على انتشارٍ وتفرُّق في الشيء الواحد من جوانبه" اهـ ولا يخص في إطلاقه النار وحدها بل هو عام يشمل أي انتشار سريع في شيء ما. ولذلك كانت الضرورة تقتضي ذكر المفعول دوماً فنقول: (اشتعلت دار فلانٍ ناراً أو بالنار) لأنَّها ممكن أنَّ تشتعل بأيِّ شيءٍ آخرٍ له القدرة على الانتشار والسريان في كلّ الأجزاء بحيث تتغير الصورة المنظورة كما لو (اشتعلت بالفتنة) أو غير ذلك وهذا رد عليهم لماذا اسند الاشتعال الى الراس وليس الى الشعر على عكس مايقول اهل المجاز ولكن ذلك اصبح حقيقة علمية واقعية فمن المعروف في علوم الطب ان تغير لون الشعر نحو البياض مع التقدم في العمر انما يعود لتناقص مادة الصبغة في الجلد والمعروفة بالميلانين ولكن ما كان غير معروف عند المختصين هو لماذا تنقص مادة الميلانين مع الشيخوخة. قبل اسابيع قليلة نقلت وسائل الإعلام العامة والمختصة خبر توصل عدة فرق من العلماء في المانيا وبريطانيا متخصصة بمجالات مختلفة مثل الفيزياء الحيوية والمحاكاة الالكترونية لسبب نقص مادة الميلانين. وقد استخدمت احدث الطرق والاجهزة المتوفرة لفهم السلسلة الكيميائية المعقدة وراء التغير المذكور وشيب الشعر. مختصر الاستنتاج العلمي هو ان المادة الكيميائية ماء الأوكسجين او هيدروجين بيروكسيد تزداد مع التقدم بالعمر في جسم الإنسان فلا يستطيع الجسم تفتيت هذه الكمية الكبيرة الى المكونات الأساسية. نتيجة لذلك يقوم الهيدروجين بيروكسيد بأكسدة جزء من مادة تيروسيناز فلا تقوم هذه الأخيرة بانتاج صبغة الشعر الميلانين. فالأكسدة المذكورة هي السبب المباشر لشيب الشعر وكما هو معروف فأن الأكسدة والاحتراق او الشعل هما تسميتان لنفس العملية. فسبحان الله الذي اعلمنا بهذه الحقيقة العلمية قبل الف واربعمائة سنة وما اقوى الحجج التي اسند الله بها رسالة عبده محمد عليه وعلى رسل الله قبله السلام. فالقرآن الكريم عودنا بان يذكر اصعب الحقائق العلمية بكلمات قليلة معجزة وما ادق القرأن في ذكر هذه الحقائق فانظروا كيف ان القرآن يذكر ان الرأس احترق شيباً ولم يقل بان الشعر احترق شيباً. فظاهراً يرى الإنسان بان الشعر يتغير لونه وواقع الحال فان الاحتراق او الأكسدة تتم داخل الجسم وهذا ما احتاج عشرات العلماء المزودين باحدث الاجهزة لوقت طويل من البحث العلمي لمعرفته فتبن ان لفظ الاشتعالى فى مكانه ولماذا اسند الاشتعال الى الراس وليس الى الشعر

ارجوا من الاخوة التعليق بحيادية تامة دون تعصب والمشاركة من الاخوة حول الموضوع وتفاعلهم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير