ت) وبينهما: بيان الطريق الموصلة إليه، وأنها ليست إلا عبادته وحده بما يحبه ويرضاه واستعانته على عبادته (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) فهو لا سبيل له إلى عبادته إلا بمعونته.
ولذا كان مقصودها أعظم المقاصد، وهو تحقيق كمال العبودية لله (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56].
- فأولها: بيان لأسباب الاستحقاق +الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (1) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (3) _.
- وأوسطها: اعتراف وإقرار (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (4)).
- وآخرها: وصفٌ للطريق وطلبٌ لتحقيقه (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (5) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (6) غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)).
2 - تحوي مقامات الإيمان الثلاثة: المحبة والرجاء والخوف، والتي لا يستقيم إيمان المسلم إلا بها، فالمحبة في قوله (الحمد لله)، والرجاء في قوله (الرحمن الرحيم)، والخوف في (مالك يوم الدين).
3 - وتشتمل على أصول العقيدة والأحكام والأخبار اللازمة لكل مسلم:
• أما أصول العقيدة فهي:
أ) الإقرار بالربوبية لله وحده؛ فلا خالق ولا رازق ولا محيي ولا مميت إلا هو سبحانه.
ب) الإقرار له بالألوهية؛ فلا معبود بحق إلا هو وحده سبحانه.
ت) إثبات النبوة والبعث.
يقول الحافظ ابن رجب: في تفسيره لسورة الفاتحة (): وسورةُ الفاتحةِ تضمَّنت التَّعريف بالرَّبِّ سبحانه بثلاثة أسماءٍ ترجِعُ سائرُ الأسماءِ إليها، وهي: (اللهُ) وَ (الرَّبُّ) و (الرَّحمنُ)، وبُنيَتِ السُّورةُ على الإِلهيَّة والرُّبوبيَّة والرَّحمة؛ فـ + إِيَّاكَ نَعْبُدُ _ مَبْنيٌّ على الإِلهيَّة، و (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) مَبْنيٌّ على الرُّبوبيَّة، وطلبُ الهداية إلى صراطِه المستقيمِ مَبْنيٌّ على الرَّحمةِ.
وتضمَّنت السُّورةُ: توحيدَ الإِلهيَّةِ والرُّبوبيَّةِ بقولهِ: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، ولما كانَ كلُّ أحدٍ مُحتاجًا إلى طلبِ الهِدايةِ إلى الصراطِ المستقيمِ وسُلوكِه عِلْمًا ومعرفةً، ثم عَملاً وتلبُسًا، احتاجَ العبدُ إلى سُؤالِ ذلك وطَلبِه ممن هو بيدِه، وكان هذا الدُّعاءُ أعظمَ ما يَفتقِرُ إليهِ العبدُ ويَضطرُّ إليه في كلِّ طرفةِ عَيْنٍ، فإنَّ النَّاسَ ثلاثةُ أقسامٍ:
قسمٌ عَرَفُوا الحقَّ وحادُوا عنه وهم: المغضوبُ عليهم.
وقسمٌ جَهِلُوهُ وهم: الضَّالون.
وقسمٌ عَرَفُوهُ وعَمِلُوا به وهم: المنعَم عليهم.
ولما كان العَبدُ لا يملك لنفسِه نفعًا ولا ضرًّا احتاجَ إلى سؤالِ الهِدايةِ إلى صراطِ المنعَمِ عليهم، والتخلُّص من طريق أهل الغَضَبِ والضَّلالِ ممن يَمْلِكُ ذلك ويقدرُ عليه.
وتضمَّنت السُّورةُ أيضًا: إثباتَ النُّبُوَةِ والمعاد ِ، أمَّا المعادُ: فمن ذِكْرِ يومِ الدِّين، وهو يومُ الجزَاءِ بالأعمال، وأمَّا النبُّوَّةُ: فمِن ذِكْرِ تقسيم الخلق إلى ثلاثةِ أقسامٍ، وإنَّما انقسمُوا هذه القِسْمَة بحسبِ النَُّبوَّاتِ ومَعرفتِهم بها ومُتابعتهم لها. ا هـ
• وأما أصول الأحكام:
فهي مضمنة في قوله تعالى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) فالعبودية التامة لله لا تكون إلا بطاعة أوامره واجتناب نواهيه، والضدّ بالضِّد أيضاً.
• وأما أصول الأخبار:
فهي مضمنة في قوله تعالى (صراط الذين أنعمت ... )، فأخبار القرآن كلها لا تخرج عن واحد من ثلاث: إما عالم عامل، أو عالم معاند، أو عابد جاهل.
يتبع بإذن الله،،
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[23 Jun 2010, 01:12 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا عصام
بودي لو أن المشرف غير علامات الصليب التي في الموضوع
ـ[عصام العويد]ــــــــ[23 Jun 2010, 01:51 م]ـ
الشيخ الفاضل / تيسير
لفظ الجلالة (الله): لا أعرف من قال بأنه أعجمي، وإنما الخلاف المشهور في كونه جامدا أو مشتقاً؟
وأما لفظ (آمين) بالمد: فزنته أعجمي كقابيل وهابيل وهذا اختيار الأخفش ومن وافقه،
والقول بعربيته له وجه قوي وهو الأصل حتى وإن كان ليس له نظير في أبنية العربية،
والترجيح في مثل هذا عسر، والفائدة منه ليست بتلك، والعلم عند الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Jun 2010, 10:20 ص]ـ
فتح الله عليكم يا أبا عبدالرحمن وتقبل منكم.
قرأتُ ما تفضلتم به ولا مزيد، وأقترح عليك إضافة ما ذكره العلامة محمد عبدالله دراز في كلامه على الفاتحة، فقد ذكر فيها كلاماً لم أجده لأحد من المفسرين، في كون الفاتحة هي السورة الوحيدة التي توجه الخطاب فيها من العبد للرب، بخلاف بقية السور، فالقرآن كله جاء بناء على الطلب الذي فيها (اهدنا). ليتك تراجع كلامه وتلخص أهم ما فيه في هذه الورقات فسيكون له شأن في النفع بها إن شاء الله.
وفقك الله وزادك علماً وتوفيقاً.
¥