ـ[نزار حمادي]ــــــــ[27 Jun 2010, 04:53 م]ـ
ومن الآيات التي يستحيل حملها على ظاهرها لأنه يفيد نسبة الجهل إلى الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا: قوله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ) [محمد: 31]
قال الإمام الطبري: يقول: حتى يعلم حزبي وأوليائي أهل الجهاد في الله منكم وأهل الصبر على قتال أعدائه فيظهر ذلك لهم، ويُعرَف ذوو البصائر منكم في دينه من ذوي الشك والحيرة فيه، وأهلُ الإيمان من أهل النفاق. (جامع البيان، ج21/ص224)
فانظر كيف أول إمام المفسرين وبقية السلف الصالحين قوله تعالى (حَتَّى نَعْلَمَ) بمعنى (حتى يعلم حزبي وأوليائي) ولولا أن الحمل على الظاهر يفيد نسبة الجهل إلى الله تعالى لما عدل الإمام عنه، ولم يقل الإمام الطبري ولا غيره من المفسرين المعتبرين أن قوله تعالى (حَتَّى نَعْلَمَ) يعني حتى نعلم علم شهادة؛ لأن هذا إقرار بنسبة الجهل إلى الله تعالى أزلا بما يكون في عالم الشهادة أو عالم الحس الخارجي.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[27 Jun 2010, 04:59 م]ـ
ومن الأدلة على استحالة حمل بعض الآيات على ظاهرها الذي يقتضيه الوضع اللغوي لأنه يفيد نسبة الجهل إلى الله تعالى عن ذلك علوا كبير: قوله تعالى: (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ) [التوبة: 16]
قال الإمام الطبري رضي الله عنه: يقول: ولما يتبين لعبادي المؤمنين المجاهدُ منكم في سبيلي على ما أمرته به. (ج6/ص91)
فصرف الإمام الطبري هذه الآية عن ظاهرها من الأدلة والبراهين الجلية على استحالة حمل بعض الآيات على ظاهرها لأنه يتضمن نسبة النقص إلى الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا، فأول الإمام الطبري قوله تعالى (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ) إلى قوله: "ولما يتبين لعبادي المؤمنين"، ولم يقل ولا غيره أن معنى الآية: ولما يعلم الله علم الشهادة لأن هذا إقرار واعتراف بأن الله تعالى لم يكن يعلم علم الشهادة، وهو يتضمن نسبة الجهل إلى الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[27 Jun 2010, 05:07 م]ـ
الأخ الفاضل نزار حمادي شكر الله لك
والعلم أخذ ورد
المسألة هو هل ما ذكرته كمثال صحيح أو لا؟
والجواب يتوقف على معرفة المراد بالظاهر
وأسهل تعريف للظاهر المراد هنا: هو المعنى المتبادر إلى الذهن عند سماع النص.
وبناء على هذا التعريف تعال ننظر إلى الآية التي سقتها وهي قوله تعالى:
(وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) العنكبوت (3)
أن أريد أن تسأل أي مسلم عربي يسمع كلام الله ويفهم اللغة العربية
ما الذي تفهمه من هذه الآية؟
هل تفهم منها أن الله لا يعلم من سيصدق ومن سيكذب؟
لا أعتقد أنك ستجد من سيقول لك نعم من بسطاء الناس " أهل العقائد المعروفة في المسألة غير مقصودين"
إن الذين نزل فيهم القرآن من الكفار والمنافقين أهل اللسان لا يتبادر إلى أذهانهم هذا المعنى على الإطلاق، ولو كان هذا متبادر إلى الذهن لأحتجوا به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنهم مع كفرهم فهموا المقصود.
إن هذا الأسلوب يستخدمه الناس في حياتهم مع الفارق بين الخالق والمخلوق ولكنه مثال لتقريب المسألة إلى الذهن:
رجل يكلف أولاده بمهمة ثم يقول لأولاده فلان سيقوم بالمهمة والآخر لن يقوم بها فيعترض الذي حكم عليه الأب بعدم القدرة ويقول بلى أنا أقدر، فيقول الأب سنرى من الذي يقدر ومن الذي لا يقدر.
فالأب على يقين من قدرات أولاده وعملهم يصدق ذلك اليقين ويظهره.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[27 Jun 2010, 05:09 م]ـ
وقال الإمام النحوي أبو حيان في تفسير قوله تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ):
وظاهر قوله: (لنعلم) ابتداء العلم، وليس المعنى على الظاهر؛ إذ يستحيل حدوث علم الله تعالى، فأُوِّلَ على حذف مضاف، أي: ليعلم رسولنا والمؤمنون، وأسند علمهم إلى ذاته لأنهم خواصه وأهل الزلفى. اهـ
فهذا دليل آخر على استحالة حمل بعض الآيات على ظاهرها.
وقال الشيخ محيي الدين شيخ زاده في حاشيته على تفسير البيضاوي: قوله (لنعلم) يوهم أن العلم بذلك الشيء لم يكن حاصلا قبل الجعل، فباشر جعله ليحصل له ذلك، وهذا يقتضي أن يكون علمه تعالى بالأشياء مسبوقا بالجهل وحادثا بحدوث الجعل، تعالى شأنه عن ذلك علوا كبيرا، فإنه تعالى يعلم في الأزل والأبد ماهيات الأشياء وحقائقها، وكذلك يعلم جميع الجزئيات التي لا نهاية لها على سبيل التفصيل قبل حدوثها ودخولها في الوجود، لا كما قال هشام ابن الحكم رئيس الرافضة أنه تعالى كان في الأزل عالما بحقائق الأشياء وماهياتها فقط وأما حدوث تلك الماهيات ودخولها في الوجود فهو تعالى لا يعلمها إلا عند وقوعها. (ج2/ص355)
¥