فالفرق الزائغة لم تزغ لأن ظاهر القرآن دفعها إلى الزيغ وإنما لأنها زعمت للقرآن ظاهرا غير ظاهره لتبرير زيغها
وأما كون الله يضل بالقرآن كثيرا ويهدي به كثيرا، فانظر إلى سبب الضلال أيضا " وما يضل به إلا الفاسقين"
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 Jun 2010, 11:48 ص]ـ
ومن الآيات الدالة على وجوب صرف بعض الظواهر التي تفيد بحسب وضعها اللغوي معنى مستحيلا على الله تعالى، الآيات الواردة بإحاطة الله تعالى بخلقه، فإن الإحاطة لغة مستعملة في إحاطة المحسوس بالمحسوس، كإحاطة سور المدينة بها، وكإحاطة الصندوق بما فيه، فهذا معنى الإحاطة لغة بحسب ما يُفهِمُه الوضع العربي، وهذا حقيقته المتداولة، وقد ورد في القرآن قوله تعالى: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا) وغيرها من الآيات الدالة على الإحاطة الحسية من جميع الجهات.
ولما كان حمل إحاطة الله تعالى بخلقه على هذا المعنى الظاهر الحسي مستحيلا، إذ يؤدي إلى معاني باطلة لا حصر لها، وجب صرف الآيات الواردة بذلك عن هذا الظاهر المستحيل، ولذا ورد في صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن سورة البقرة باب قال مجاهد: محيط بالكافرين: الله جامعهم. اهـ فصرف الإحاطة عن ظاهرا المستحيل واختار تفسير الإحاطة بالجمع مع أنه الجمع ليس حقيقة الإحاطة.
وقال الإمام الطبري: وكان مجاهد يتأول ذلك بأنه تعالى جامعهم في جهنم. (انظر جامع البيان ج1/ص378) وظاهر أن معنى يتأول هنا يصرف الآية عن ظاهرها المستحيل.
ونقل الطبري في نفس الصفحة عن ابن عباس أن الله منزل ذلك بهم من النقمة. اهـ
وهذا أيضا من الحبر رضي الله عنه صرف للآية عن ظاهرها كليا، وذلك لأن الظاهر يفيد بحسب وضعه اللغوي معنى مستحيلا؛ مثل جعل الله تعالى جسما محيطا بالمخلوقات من كل الجهات بحيث يصير محيطا بهم إحاطة الصندوق بها فيه.
وقال ابن كثير في تفسير سورة البقرة: (والله محيط بالكافرين) محيط بهم بقدرته وهم تحت مشيئته وإرادته. اهـ
وهذا أيضا صرف عن الظاهر المستحيل، وتأويل للإحاطة الحسية بالإحاطة المعنوية بالقدرة والإرادة.
وفي قوله تعالى: ژ ? ? ? ہ ہ ہ ہھ ھ ھ ھ ے ے ? ژالنساء: 126
قال الطبري في تفسيره: يقول: ولم يزل الله محصيا لكل ما هو فاعله عباده من خير وشر، عالما بذلك، لا يخفى عليه شيء منه، ولا يعزب عنه مثقال ذرة. (جامع البيان، ج7/ص530)
وقال ابن كثير: أي: علمه نافذ في جميع ذلك، لا تخفى عليه خافية من عباده، ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا اصغر من ذلك ولا أكبر ولا تخفى عليه الذرة لما تراءى للناظر وما توارى. (ج4/ص296)
وفي قوله تعالى: ژ ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ژفصلت: 54
قال الطبري: يقول تعالى ذكره: الا إن الله بكل شيء مما خلق محيط علما بجميعه وقدرة عليه، لا يعزب عنه علم شيء منه أراده فيفوته، ولكنه المقتدر عليه، العالم بمكانه. (ج20/ص463)
قال ابن كثير: ثم قال تعالى مقررا على أنه على كل شيء قدير وبكل شيء محيط وإقامة الساعة لديه يسير سهل عليه تبارك وتعالى: (الا إنه بكل شيء محيط) أي المخلوقات كلها تحت قهره وفي قبضته وتحت طي علمه، وهو المتصرف فيها كلها بحكمه، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. (ج12/ص251)
فكل هذا صرف للإحاطة عن ظاهرها المستحيل، وتأويل لها تارة بالجمع وتارة بالإحاطة بالقدرة وتارة بالإحاطة بالعلم وغير ذلك، والقاسم المشترك بين جميع هذه التأويلات هو الإجماع على الصرف عن الظاهر المحال للإحاطة، ولو كانت الإحاطة الحسية جائزة على الله تعالى لما أجمع المفسرون على صرفها عن ظاهرها، فثبت المراد وهو أن صرف بعض الآيات عن ظواهرها المستحيلة واجب شرعا لأن حملها على ذلك الظاهر ينافي ثوابت العقيدة الإسلامية.
هذا كله سببه الخلط بين صفات الخالق وصفات المخلوق
إذا علمنا إن الله "ليس كمثله شيء" علمنا أن إحاطة الله بكل شيء لا تشبه إحاطة المخلوق بالمخلوق.
فلا حاجة أن نقول إن ظاهر القرآن يدل على معاني مستحيلة وباطلة ولا نحتاج إلى أن ننفي عن الله ما أثبته لنفسه من أنه بكل شيء محيط.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[29 Jun 2010, 11:48 ص]ـ
أخي أبا سعد .. حاول أن لا تكتب لمجرد الكتابة.
ولو سلم لك أحد أن العلماء يفرضون تشبيه الله بخلقه قبل تنزيهه عن ذلك التشبيه فلا محذور في ذلك لأنهم يخلصون بالأخير إلى التنزيه عن ذلك التشبيه.
ولكي تفهم أكثر فالله تعالى في غير ما آية يفرض أمورا لا تليق بذاته ثم ينزه ذاته العلية عنها، وقد فرض الله وجود إله غيره، فهل ستقول أن الله أشرك بذاته قبل أن ينزهها عن الشريك ..
كذلك العلماء لم يشبهوا الله تعالى قبل تنزيهه لأنهم يقتدون بالقرآن العظيم فيفرضون أمورا على الله تعالى ثم يبينون استحالتها ويحكمون بتنزيه الله تعالى عنها، وحاشاهم من التشبيه.
أرجو أن تفهم لأني فهمتك بما لا مزيد عليه ...
وعلى كل حال أدعوك لقراءة ما نقلته عن أئمة التفسير بدقة، ثم اسأل نفسك: لماذا صرفوا بعض الآيات عن ظاهرها؟
والأمثلة غير محصورة فيما نقلته، بل سأذكر أكثر من ذلك إن شاء الله، ومن المكابرة القول بأن جميع ظواهر القرآن (أي ما تحتمله بحسب الوضع اللغوي) معناها صحيح مراد.
ثم أليس الأولى أن تتهم نفسك بالخلط قبل اتهام ابن عباس ومجاهد والطبري وابن كثير وغيرهم؟؟
أخي الكريم أنت مع احترامي لك لا تحسن كتابة كثير من الجمل بلا لحن فاحش، فكيف تتهم أمثال هؤلاء بالخلط؟؟؟
أسأل الله تعالى أن يبصرني وإياك وجميع المشاركين.
¥