ابن منظور في لسان العرب عند (خلف): (وتَخالَفَ الأَمْران واخْتَلَفا لم يَتَّفِقا .. ) (إنتهى) فالأصل فيه عدم الإتفاق في النباء العظيم وليس في طريقة التكذيب فيه ثم القول بهذا يحتاج إلى قرينة من السياق ولا قرينة فيبقى على الأصل وعن قتادة (الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) قال: مصدّق ومكذّب.) رواه ابن جرير الطبري في تفسيره ذكرها ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره (جامع البيان في تأويل القرآن) (24/ 150) فيبقى على الأصل وهو أن الإختلاف هنا هو في أصل الأمر أي أموجود حقا أم لا اي أموجود يوم البعث أم لا وليس في فروعه اي ليس في طريقة وجوده فهم بين مصدق ومكذب وقدر رددنا على القولين بأنه القرآن وانه بعثة النبي في تفسير الآية السابقة وقلنا أن مشركو قريش واليهود والنصارى لم يختلفوا في شأن القرآن الكريم فكلهم مكذبٌ له فليس المراد القرآن بل البعث بعد الموت.
فائدة: لو سلمنا جدلاً لا إقراراً أن جميع المشركين لم يثبتوا البعث وانكروه ولم يختلفوا في إنكار أصل وجوده وهذا ما لا يقول به عاقل يعلم الكتاب والسنة ولكن من باب التسليم الجدلي نقول أجاب الرازي رحمه الله في مفاتيح الغيب (31/ 4) على هذا الطرح بعد أن سلّمه جدلا لا إقراراً قائلاً: وأيضاً هب أنهم كانوا منكرين له لكن لعلهم اختلفوا في كيفية إنكاره فمنهم من كان ينكره لأنه كان ينكر الصانع المختار ومنهم من كان ينكره لاعتقاده أن إعادة المعدوم ممتنعة لذاتها والقادر المختار إنما يكون قادراً على ما يكون ممكناً في نفسه
وكتب أبو جعفر الزهيري في يوم السبت الموافق لـ 21 من رجب 1431
بين فترة وأخرى أضيف تفسير للآيات التي بعدها حتى أنهي جزء عم إن شاء الله أسأل الله الإخلاص وأن يطيل في عمري كي أكمل هذا العمل.
قوله تعالى: (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4))
يقول تعالى متوعدا ومهددا المشركين المنكرين والمشككين بالبعث يوم القيامة كلا ردعاً وزجراً للمشركين ليس الأمر على كما زعموا من النكران والشك سيعلمون بطلان زعمهم يوم القيامة حين يرون حقيقة حال البعث الذي تسائلوا عنه وما فيه من الأهوال بأعينهم فيعلمونه يقيناً بالمعاينة كما قال تعالى في سورة الكوثر: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8) سورة الكوثر
فائدة: (كلا) كلمة: ردع وزجر ونفي لمعنىً وتصرف متقدم فهي هنا لنفي ظن المشركين وزعمهم بشأن البعث يوم القيامة.
قوله تعالى: (ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5))
ثم كلا ليس الأمر كما زعموا من النكران والشك في البعث وأن الله ليس بمعذبهم يوم القيامة سيعلمون ذلك علماً أكبر وأشد وأأكد سيعلمون بطلان شكهم وكفرهم بعلم أنهم مواقعون العذاب بحواسهم وأجسامهم علماً يقينياً ولا محالة في هذا البعث يوم القيامة حين يُدَعُّونَ إلى نار جهنم دَعّاً، ويقال لهم: {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} لكفرهم بالبعث وشكهم وتكذيبهم به أو ببعض صفاته مع تصديقهم بأصله وهذا وعيد بعد وعيد كما قال الحسن البصري رحمه الله فهو وعيد أشد من سابقه فمواقعة العذاب بالحواس والأجسام علم أشد من العلم به من خلال رؤيته فتأمل.
وما علمت آيةً تفسر هاتين الآيتين مثل قوله تعالى (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53) سورة الكهف
وإنما قلنا أن هذا العلم اكبر واشد وأأكد من سابقه لأمرين الأول: انه مسبوق بثم وهي تفيد البعد الزماني والتفاوت الرُّتَبِي ولذا قال العلامة القاسمي في تفسيره محاسن التأويل عند هذه الآية: (وفي {ثُمَّ} إشعار بأن الوعيد الثاني أشد؛ لأنها هنا للبعد والتفاوت الرتبيّ، فكأنه قيل: ردع وزجر لكم شديد، بل أشد وأشد. وبهذا الاعتبار صار كأنه مغاير لما قبله. ولذا خص عطفه بـ {ثُمَّ} غالباً. هذا ملخص ما في " العناية ") (إنتهى) قلت وهذا كلام متين بحق. وقال الرازي نحوه في تفسيره (31/ 6) لهذه الآية وهذا نص كلامه (ومعنى ثم الإشعار
¥