تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا منكر من وجوه اولها أنه مخالف لسياق الآيات كما مر بيانه إذ يدل السياق على أن المتسائلون هم كفار وحسب لا مؤمنون إذ فيه تقريع شديد لا يليق بغير الكفار من المؤمنين!!! ولذلك قال الشوكاني في تفسيره (5/ 363): ((كلا سيعلمون) ردع لهم وزجر وهذا يدل على أن المختلفين فيه هم الكفار وبه يندفع ما قيل إن الخلاف بينهم وبين المؤمنين فإنه إنما يتوجه الردع والوعيد إلى الكفار فقط) (إنتهى)

وثاني الوجوه: أن الضمير في سيعلمون في الآيتين والضمير في مختلفون هو نفسه الضمير في قوله تعالى يتسائلون فمن تسائلوا هم المختلفون والذي سيعلمون في الآيتين هنا كما نص على ذلك الرازي فيما سبق من نقل فكيف يجوز أن يكون العلم الأول للمتسائلين فيما بينهم والعلم في الآية التي بعدها لأناس ليسوا من المتسائلين!!! ثم هذل ليس قولا مرفوعا بل مقطوعا من كلام التابعي الجليل الضحاك وليس قول أحد دون رسول الله حجة إذا خالف النص من القرآن والسنة ,

قلت: وضعفه الشيخ المحدث مصطفى العدوي في سلسلة التفسير بقوله: (ومن أهل العلم من قال: إن كلا الأولى التي هي {كَلَّا سَيَعْلَمُونَ} خاصة بالكفار، وقوله: {ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ} خاصة بأهل الإيمان، وليس هناك دليل يدل على هذا القول.) (إنتهى) قلت ومن أهل العلم من نقل أن هنالك من قال بعكذ هذا أي أن الأولى للمؤمنين والثانية للكفار وهذا القول أيضا كسابقه باطل لا دليل عليه.

قول ضعيف لا دليل عليه: ورد قول غريب جدا وهو أن العلم الأول يحصل عند الموت والنزع وخروج الروح! وأن العلم الثاني يكون يوم القيامة وهذا قول لا دليل عليه فكلا العلمين على ما فصبنا في يوم القيامة قال الألوسي في تفسيره القيم (رُوح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني) (30/ 5): (وقيل الأول (يريد الألوسي العلم الأول) إشارة إلى ما يكون عند النزع وخروج الروح من زجر ملائكة الموت عليهم السلام وملاقاة كربات الموت وشدائده وانكشاف الغطاء والثاني (يريد الألوسي العلم الثاني) إشارة إلى ما يكون في القيامة من زجر ملائكة العذاب عليهم السلام وملاقاة شديدة العقاب) (إنتهى)

قلت وهذا قول باطل لا دليل عليه لا من القرآن ولا من السنة فليس له قرينة في سياق الآيات كما هو ظاهر بل السياق يدل على ان ذلك العلم يكون يوم القيامة عند البعث ولذلك ضعفه الألوسي نفسه بإسباقه له بأحد صيع التمريض والتضعيف لدى المحدثين وهي قوله قبله سرد القول: (قيل).

ملاحظة: قد يخطر بالبال أن العلمين رؤيتين الأولى رؤية حصوله للوهلة الأولى البعث حين القيامة من القبور للنشور والثانية رؤية أهواله وعذابه وما فيه فيكون العلم الثاني اشد وأأكد على التفصيل السابق فأقول إن قلنا أن العلم الثاني هو رؤية ثانية لكنها لتفاصيل البعث من عذاب وأهوال فهذا يلزم علمهم تلقائياً أنهم مواقعوا ذلك العذاب في هذا البعث لأنهم أنكروا البعث أو شك فيه أو أنكروا بعض صفاته فاستلزم إذن أن يكون العلم الثاني هو رؤية اهوال البعث وعذابه مع علمهم الملازم لرؤيتهم تلك أنهم مواقعون العذاب لنكرانهم وأما العلم الأول فهو يشمل رؤيتهم خصول البعث للوهلة الأولى وكذلك رؤيتهم أهواله وعذابه فالعلم الأول رؤية والعلم الثنية رؤية وإحساس فيكون الثاني أعظم من الذي قبله وأشد والعياذ بالله وهذا العلمان وردا على هذا الترتيب في القرآن فهذا دليلٌ آخر لصحة ما اخترناه فقد وقع ذكرهما في القرآن فقد ذكر الله العلمين هذين في قوله: (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53) سورة الكهف فرؤيتهم النار تكون يوم القيامة فهذا العلم الأول وظنهم هو علمهم بعد ذلك إنما هو العلم الثاني والظن يأتي بمعنى العلم وهو كما نص العلماء هنا وفي مواضع أخر من كتاب الله أنه يفيد العلم واليقين أي علم اليقين فتأمل.

وكتب أبو جعفر الزهيري في يوم الإثنين الموافق لـ 23 من رجب 1431

قوله تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا) (6)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير