تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثم شرع سبحانه وتعالى يُبَيّن أدلة البعث الأربعة التي تتكرر في سور القرآن بأساليب متنوعة، ويصرفها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بسياقات متعددة وهي أدلة قدرته العظيمة على خلق الأشياء الغريبة والأمور العجيبة، الدالة على قدرته على ما يشاء من أمر المعاد.

وأدلة البعث أربعة أدلة وهي مجتمعة في سورة النبأ في هذه الآيات قال تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16) [النبأ: 6 - 16]) كما مر الإشارة إليه مسبقاً.

فأما قوله سبحانه وتعالى: ((أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) سورة النبأ)

يقول تعالى مستنكرا على المشركين زعمهم بشأن البعث ومدلِلاً لقدرته على البعث بعد الموت يوم القيام ومُعَظّماَ لنفسه بذكر نِعَمِهِ ألم نجعل الأرض بِسَاطًا وفِرَاشاً وَوِطاءً مُوَطَّأً لِلاسْتِقْرَارِ والحياة عَلَيْهَا مُمَهّدَةً للخلائق ذَلُولاً سهلةً لهم في مشيهم ومجلسهم ومأكلهم ومشربهم، ودليل هذه المعاني قوله عز وجل: قوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (10) سورة الزخرف وقال: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا) (19) سورة نوح وقوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا) (22) سورة البقرة وقوله: (وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ) (48) سورة الذاريات وقوله أيضا: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ) (16) سورة الملك

قال ابن جرير في تفسيره (24/ 151): (حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سعيد، عن قتادة (أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ مِهَادًا):أي بساطا ... ) (إنتهى) ورواه غيره عن قتادة أيضا وهو من عظيم تنبه السلف إلى تفسير القرآن بالقرآن فنراه فسر المهاد بالبساط والذي يبدو أنه فهم ذلك من قوله تعالى السابق الذكر: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا) (19) سورة نوح فتأمل فقه السلف للقرآن وأين الأمة من هذا اليوم!

قال أسعد حومد في تفسيره الطيب (أيسر التفاسير): (مِهَاداً - فِرَاشاً مُوَطَّأً لِلاسْتِقْرَارِ عَلَيْهَا.) (إنتهى)

قال العلامة المحدث الشوكاني في تفسيره فتح القدير (5/ 364): (والمهاد الوِطاْء والفراش كما في قوله (الذي جعل لكم الأرض فراشا) قرأ الجمهور مهادا وقرأ مجاهد وعيسى وبعض الكوفيون مهدا والمعنى أنها كالمهد للصبي وهو ما يُمهد له فَيُنَوّمُ عليه .... إلى أن قال الشوكاني رحمه الله: (وفي هذا دليل على أن التساؤل الكائن بينهم هو أمر البعث لا عن القرآن ولا عن نبوة محمد (صلى الله عليه وسلم) كما قيل لأن هذا الدليل إنما يصلح للاستدلال به على البعث.) (إنتهى)

قلت وقد صرح القرآن بأن الله جعل الأرض مهدا في موضعين الأول قوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53) سورة طه) والثاني قوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (10) سورة الزخرف وهذا الموضع مر ذكره.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير