تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال ابن منظور في لسان العرب (3/ 410): ((مهد) والمِهادُ الفِراش وقد مَهَدْتُ الفِراشَ مَهْداً بَسَطْتُه ووَطَّأْتُه يقال للفِراشِ مِهاد لِوِثارَتِه .... إلى أن قال ابن منظور: (وأَصل المَهْد التَّوْثِيرُ يقال مَهَدْتُ لنَفْسي ومَهَّدت أَي جعلت لها مكاناً وَطيئاً سهلاً ومَهَدَ لنفسه خيراً وامْتَهَدَه هَيّأَه وتَوَطَّأَه ومنه قوله تعالى فلأَنفسهم يَمْهَدُون أَي يُوَطِّئُون قال أَبو النجم وامْتَهَدَ الغارِب فِعْلُ الدُّمَّلِ والمَهْد مَهْدُ الصبيّ ومَهْدُ الصبي موضعه الذي يُهَيّأُ له ويُوَطَّأُ لينام فيه .. ) (إنتهى)

قال الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان (4/ 20) عند تفسيره آية سورة طه: (قرأ هذا الحرف عاصم وحمزة والكسائي (مَهْداً) بفتح الميم وإسكان الهاء من غير ألف. وقرأ الباقون من السبعة بكسر الميم وفتح الهاء بعدها ألف. والمهاد: الفراش. والمهد بمعناه. وكون أصله مصدراً لا ينافي أن يُسْتَعْمَل اسماً للفراش.) (إنتهى)

والخلاصة أن المهد والمهاد بمعنى واحد كما قال الشنقيطي آنافا: (والمهاد: الفراش. والمهد بمعناه) (إنتهى) والمراد أنه سبحانه جعل الأرض فَرْشاً وبساطاً كمهد الطفل قال البغوي في تفسيره الرائع (معالم التنزيل (5/ 277): ({الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مَهْدًا} قرأ أهل الكوفة: {مَهْدًا} ها هنا (يقصد البغوي في سورة طه هنا)، وفي الزخرف، فيكون مصدرا، أي: فرشا، وقرأ الآخرون: "مهادا "، كقوله تعالى: "ألم نجعل الأرض مهادا" (النبأ: 16)، أي: فراشا وهو اسم لما يفرش، كالبساط: اسم لما يبسط.) (إنتهى) وكلام البغوي هذا فيه تحقيق جميل في الفرق بين المهد والمهاد لغويا ولذلك لما فسرت المهد قلت فرش ولم اقل فراش بينما تجدني فعلت العكس مع المهاد مع أنهما بمعنىً واحد.

ملاحظة: (ذكر الشوكاني في تفسيره فتح القدير (3/ 369) تجويز البعض أن يكون مهاداً جمع مهد والمهد هو الفراش فالمهاد على قولهم فُرُش جمع فَرْش، أي جعل كل موضع منها مهداً أي فرشاً لكل واحد منكم.) فأقول: هذا القول في إخراج (مهادا) في سورة النبأ وغيرها عن كونه مصدرا من التكلف والإحتمال إذ قد ورد في القرآن في موضعين كما سبق ذكره سبحانه أنه جعل الأرض مهداً وهو مفرد وليس جمع وكذلك قال تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا) (19) سورة نوح وقوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا) (22) سورة البقرة فهنا أيضا عبر عن ذلك بالمفرد فقال بساطا مرة وفراشا أخرى فيدل ذلك على أن مهادا مفردٌ أيضا فالذي ينسجم والقرآن أن يكون مهادا في سورة النبأ وغيرها مفردا لا جمعا كما جاء مهدا مفردا هكذا في موضعين من الفرآن وكما جاء بساطا وفراشا في القرآن فتأمل.

فائدة: قال تعالى (نجعل) وليس (أجعل) تعظيما لنفسه لأن صيغة الجمع في التعبير عن الواحدة هي من صيغ التعظيم المعروفة في لغة العرب ومثاله في اللغة قول ملك من ملوك البلدان لرعيته أمرنا لفلان بكذا وكذا والمراد تعظيم النفس فتأمل.

فائدة: الإستفهام هنا بالهمزة هو إستفهامٌ إنكاري يريد منه سبحانه تقرير قدرته على ذلك والإستنكار والتقريع للمشركين في مقالتهم في البعث فتامل.

فائدة ثانية: الأرض في هذه الآية والآيات التي اشرنا اليها في تفسيرها كلها تريد سطح الأرض أي يابستها لا الأرض الكروية فليس مراد الله منها كرة الأرض إذ الأرض كروية الشكلة بيضاوية لأنها ليست كروية بشكل تام كما هو معلوم عند المختصين ثم إن كونها بيضاوية مع بيان الله هنا أنها فراش منبسط للمخلوقات يستلزم أن يكون مراده سطحها لا كرتها البيضاوية إذ الكرة البيضاوية ليست شكل منبسطاً كما هو ظاهر لكل عاقل.

فائدة ثالثة: قال الدكتور فاضل السامرائي اللغوي العراقي الشمهور حفظه الله أن لفظ بيضوية خطأ لغوي شائع والصواب بيضاوية وكان ذلك في حديثه في برنامجه الممتح حقا (لمسات بيانية)

وكتب أبو جعفر الزهيري في يوم الإثنين الموافق لـ 23 من رجب 1431

قوله تعالى: (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7))

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير