تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لأن قوله تعالى: (وخلقناكم أزواجا) هي دليل للبعث الذي مر ذكره بطريقة الإستدلال بالقدرة على الخلق الأول للقدرة على الخلق الثاني يوم القيامة فكان الأقوى والأبلغ في الدليل واللائق أن يكون مرادا به اصناف الناس كلها وليس فقط الذكور والإناث فلما كان مراده سبحانه هنا من ذكر خلقه للبشر أزواجا الإستدلال للبعث كان الأولى أن يعم ولا يخص ليشمل كل من سيحشر يوم القيامة بأصنافهم المختلفة! فيكون المعنى أعم يعم جميع أصناف البشر المختلفة والمتضادة أجناساً ذكوراً وإناثاً وخِناثا وألواناً أسودا وأبيضا وأحمرا وأصفرا وصوراً جميلا وقبيحا وطويلا وقصيرا وصفاتاً وأحوالاً قويا وضعيفا ذكيا وغبيا وغنيا وفقيرا وعزيزا وذليلا وصالحاً وطالحاً وألْسِنَةً ولغاتاً من عربي وأعجمي إلى غير ذلك من أصناف البشرويشهد لهذا المعنى قوله تعالى: {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} [طه:131]. أي أصنافاً منهم فتأمل.

ولذلك قال الشيخ مصطفى العدوري حفظه الله في سلسلة التفسير (عند تفسيره لقوله تعالى: ({لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ} [النساء:57]): (وقوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ} [النساء:57] الأزواج قد تطلق على النساء، وقد يأتي الزوج بمعنى الصنف، كقوله تعالى: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} [النبأ:8]، ومن أهل العلم من قسر الأزواج في قوله تعالى:: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} [النبأ:8] فقال: أي: ذكراً وأنثى، ومنهم من عمم التفسير وقال: إن أزواجاً معناها أصنافاً، والتفسير الأعم أولى من التفسير ببعض المفردات في كثير من الأحيان، فالأخذ بالعموم في هذا التأويل أولى من الأخذ بالخصوص؛ لأنه يدخل فيه الخصوص (يقصد الشيخ العدوي أن القول بأن الأزواج ذكر وانثى يدخل في عموم القول بأن الأزوان أصنافاً)، فمعنى قوله تعالى: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} [النبأ:8] أي: أصنافاً، فمنكم الذكر ومنكم الأنثى، ومنكم القوي ومنكم الضعيف، ومنكم العزيز ومنكم الذليل، ومنكم الجميل ومنكم الدميم، إلى غير ذلك.

وأحياناً يتعين التفسير بالخصوص في بعض المفردات كما في قوله تعالى هنا: {لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ} [النساء:57]، فالأزواج هنا لا بد أن تحمل على النساء بقرينة وهي: (مُطَهَّرَة)، ومعنى: (مُطَهَّرَة) قال فريق من العلماء: مطهرة من البول والحيض والبزاق والتفل ونحو ذلك، وقد جاء في ذلك خبرٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو قوله: (أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، لا يبزقون فيها، ولا يبولون ولا يمتخطون)، ومن أهل العلم من قال: مطهرة أيضاً من الغل والأحقاد، وصنوف الحيل والمكر التي تتسرب إلى نساء الدنيا.) (إنتهى)

وقال ايضا في سلسلة التفسير عند تفسير الآية التي نحن بصدد تفسيرها: ({وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا}، والمراد بالأزواج هنا الأصناف، أي: خلقناكم أصنافاً، فمنكم الطويل ومنكم القصير، ومنكم الذكي ومنكم الغبي، ومنكم الصالح ومنكم الطالح، ومنكم الغني ومنكم الفقير، ومنكم الجميل ومنكم الدميم.

ومن العلماء من قال: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا}، أي: ذكراً وأنثى، كما قال تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الذاريات:49]، ومن المفسرين من فسر قوله تعالى: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [الفجر:3]، بقوله: (الشفع): الخلق، فكل شيء زوجان من الخلق، (والوتر) هو: الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً، وهو وتر يحب الوتر)، فقوله تعالى: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا}، لأهل العلم فيها تأويلان: التأويل الأول: أن المراد بالأزواج الأصناف.

التأويل الثاني: أن المراد بالأزواج الذكور والإناث.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير