تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويشهد للمعنى الأول قوله تعالى: {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} [طه:131]، وأما قوله تعالى: {وَالَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ} [الزخرف:12] فيشهد للمعنيين معاً، ففي قوله تعالى: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا}، قولان: الأول: (أزواجاً) أي: أصنافاً.

والثاني: (أزواجاً) أي: ذكراً وأنثى.) (إنتهى)

ومر انه رجح الأول ونص عليه هنا في بداية كلامه فتنبه.

وقال بهذا القول إمام المفسرين ابن جرير الطبري في تفسيره (24/ 151) فقد ذكر في تفسير هذه الآية أثراً واحدا عن التابعي الجليل قتادة رحمه الله مر ذكره في تفسير آياتٍ سابقة يقول قتادة فيه: ((وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا) ذُكرانا وإناثا، وطوالا وقصارا، أو ذوي دمامة وجمال، مثل قوله: (الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ) يعني به: صيرناهم). (إنتهى)

وابن عطية ذهب له ايضا في تفسيره ذو الفوائد المهمة (المحرر الوجزي في تفسير الكتاب العزيز) (5/ 424) إذ قال: (و " ازواجا " معناه انواعا في ألوانكم وصوركم وألسنتكم) (إنتهى)

واختاره الشيخ محمد بن جميل بن غازي الدروبي (أحد طلاب الألباني في سوريا) في تفسيره المختصر الرائع جدا (شرح الكلمات وما ترشد إليه الآيات) إذ قال: (أَزْوَاجًا: أصنافا وأضدادا) (إنتهى)

فائدة: يحسن بطالب العلم الحرص على قراءة وحفظ تفسير الشيخ الدروربي (شرح الكلمات وما ترشد إليه الآيات) فهو تفسير مختصر جداً في كلمات قليلة في غاية الروعة والإتقان استفيدُ كثيراً منه، حرص الشيخ الدروبي فيه على ذكر التفسير الصحيح متبعاً لما ورد في القرآن وصحيح السنة ومن الجدير بالذكر أنه أشار في مقدمته إلى بعض أخطاءٍ خطيرة في مسائل صفات الله عز وجل والتي وقع فيها الشيخ مخلوف في تفسيره المختصر الذي بعنوان (كلمات القرآن تفسير وبيان) الذي طبع على حاشية بعض طبعات القرآن المطبوع في الشام ولعله في حواشي طبعات أخرى والله المستعان! وقد قرأت تفسيره فوجدت تلك الأخطاء الخطيرة في تفسير الصفات وهو تفسير أهل التعطيل على طريقة الأشاعرة هداهم الله فهذا التفسير للشيخ مخلوف لا أنصح به لطالب العلم ولا لعوام المسلمين ومن باب أولى أن لا يحفظونه ولا يتوهمن متوهمٌ أني أرى عصمة كل ما في تفسير الشيخ الدروبي فإنه بشر والبشر يخطيء ولكنه حسب ما أراه أفضل تفسير مختصر جدا في كلمات قليلة والله أعلم.

فالقول الثاني ضعيف لما سبق بيانه في ترجيحنا القول الأول إذ قلنا أن ما يزيده بطلاناً أن ذكر الله هنا لخلقه البشر أزواجا إنما اراد الله به الإستدلال للبعث فالأولى أن يعم ولا يخص ليشمل كل من سيحشر بأصنافهم المختلفة وليس الذكر والأنثى وحسب! وهذا القول الثاني هو قول كثير من المفسرين وممن ذهب لهذا القول العلامة ابن كثير قال في تفسريه (8/ 302): (ثم قال: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} يعني: ذكرًا وأنثى، يستمتع كل منهما بالآخر، ويحصل التناسل بذلك، كقوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21].) (إنتهى)

أما القول الثالث فهو تكَلُّفٌ لا حاجة له لمخالفته للظاهر جدا فهو في غاية الركاكة!، وضعفه العلانة الألوسي رحمه الله إذ قال في تفسيره (روح المعاني) (30/ 7): (وقيل يجوز أن يكون المراد من الخلق أزواجا الخلق من منيين منى الرجل ومنى المرأة والمعنى خلقنا كل واحد منكم أزواجا باعتبار مادته التي هي عبارة عن منيين فيكون خلقناكم أزواجا من قبيل مقابلة الجمع بالجمع وتوزيع الأفراد على الأفراد وهو خلاف الظاهر جدا ولا داعي إليه) (إنتهى)

أما القول الرابع بأن أزواجا تعني أصنافاً مختلفةً من المخلوقات جميعها قبيحة وجميلة طويلة وقصيرة قوية وضعيفة فيعم الإنسان والحيوان والنبات والجماد إلى غير ذلك فهذا القول يشمل الأول والثاني.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير